مجلس قضائك بين الناس، وهو من الصبح إلى الظهر، إذ يتصدر فيه لقضاء حاجات الناس من أحكام وغيرها، ثم أكد مقعده وهو على ما قالوا مارد قوي يدعى صخرا يضع قدمه عند منتهى طرفه وكان بعظم الجبل «وَإِنِّي عَلَيْهِ» على الإتيان به وحمله من موضعه إلى هنا «لَقَوِيٌّ أَمِينٌ» ٣٩ على ما فيه قال سليمان لملئه: أريد أسرع من ذلك لأن القوم أظلونا وأريد أن يروه أمامهم عندي «قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ» قالوا هو آصف بن برخيا ابن خالة سليمان ووزيره ومعلمه وكاتبه، وكان يقرأ الكتب الإلهية القديمة ويحفظ اسم الله الأعظم «أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ» قال سليمان هات، قال أنت بن النبي وليس أحد عند الله أوجه منك، فإن دعوت الله كان عندك، قالوا فخر ساجدا لله تعالى ودعاه بما ألهمه من أسمائه، فجيء بالعرش في الوقت، قال ابن عباس: إن آصف قال لسليمان حين صلى: مدّ عينيك حتى ينتهي طرفك، فمد سليمان عينيه ونظر نحو اليمن، ودعا آصف فبعث الله الملائكة فحملوا السرير يجرون به تحت الأرض حتى نبع من بين يدي سليمان وقيل أن الله تعالى يعدم جميع الأشياء ويوجدها في كل لحظة، وهكذا إلى انتهاء الدوران بالاستناد لقوله جل قوله (بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) الآية ١٥ من سورة ق المارة، وانه أعدم هناك وأوجد أمام سليمان في تلك اللحظة، وكان الدعاء الذي دعا به آصف على ما روى عن عائشة هو: يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم، وعلى ما رواه الزهري هو: يا إلهنا وإله كل شيء لا إله إلا أنت
، ائتني بعرشها «فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ» بعد أن رفع رأسه من السجود خرّ ساجدا لله تعالى شكرا على ذلك «قالَ هذا» الفضل الجليل «مِنْ فَضْلِ رَبِّي» العظيم «لِيَبْلُوَنِي» يمنحني ويختبرني «أَأَشْكُرُ» نعمه المترادفة علي «أَمْ أَكْفُرُ» بها وأجحدها «وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ» يعود نفع شكره إليها إذ به دوام النعم، وهو قيد للنعمة الحاضرة وصيد للنعمة المستقبلة، «وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ» عن شكره «كَرِيمٌ» ٤٠ بالتفضل عليه لأنه يمهل عبده ولا يعجله بالعقوبة ويكون مسببا لسلبها منه إن لم يشكره عليها، وهذا