فحييناك بها لأن السجود لا ينبغي إلا لله الذي ملكك، فعرف النجاشي ذلك لما يعلمه من التوراة والإنجيل، ثم ذكر لهما ما جاء به عمرو وصاحبه وقال لجعفر تكلم، قال أنت ملك لا يصلح عندك كثرة الكلام ولا تريد الظلم، وأنا أجيب عن أصحابي فمر أحد هذين يتكلم وليصمت الآخر فتسمع محاورتنا، ففعل فقال سل هذين الرجلين أعبيد نحن أم أحرار، فإن كنا عبيدا أبقنا فردنا إلى أسيادنا، فسأله فقال أحرار كرام، فقال النجاشي نجوا من العبودية، فقال سلهما هل أرقنا دما بغير حق فوجب علينا القصاص به فتردنا من أجله إليهم ليقتصّوا منا، فسألهم فقالا لا، فقال سلهما هل أخذنا أموال أحد بغير حق فوجب علينا قضاؤها ولم نؤدها وهربنا من أجل ذلك، فسألهما وقال لهما أي النجاشي إن كان قنطار فعلي قضاؤه، قالا لا ولا قيراط، فقال سلهم إذا ما يريدون منا؟ فقال النجاشي إذا ما تطلبون منهم؟ قالا كنا وإياهم على دين واحد دين آبائنا فتركوه واتبعوا غيره، فبعثنا قومنا لتدفعهم إلينا فتردهم إلى دينهم، فقال جعفر أما الدين الذي كنا عليه فهو دين الشيطان، وقد كنا نعبد الحجارة ونكفر بالله، فقيض الله لنا نبيا منا فهدانا إلى دين الإسلام دين إبراهيم عليه السلام، وانزل الله عليه كتابا ككتاب ابن مريم، فقال النجاشي تكلمت بأمر عظيم فعلى رسلك، فأمر بضرب الناقوس فاجتمع إليه القسس والرهبان، فقال أنشدكم بالله هل تجدون بين عيسى والقيامة مرسلا؟ قالوا نعم، اللهم بشرنا به عيسى وقال من آمن به فقد آمن بي، ومن كفر به فقد كفر بي، فقال النجاشي ماذا يقول لكم هذا الرجل؟ قال يأمرنا بالمعروف وبحسن الجوار وصلة الرحم وأن نعبد الله وحده، وينهانا عن المنكر، قال اقرأ علي شيئا مما يقرأ عليكم، فقرأ سورة العنكبوت والروم، ففاضت عيناه وأصحابه من الدمع، وقالوا زدنا، فقرأ سورة الكهف فأراد عمرو أن يغضب النجاشي فقال انهم يشتمون عيسى وأمه، فقال على رسلكم هذا شيء عظيم ثم قال لهما ما تقولون في عيسى وأمه؟ قال اسمع أيها الملك ما أمرنا الله ورسوله أن نقول فيهما، فقرأ عليهم سورة مريم، فرفع النجاشي من سواكه قدر ما يقذي العين وقال والله ما زاد المسيح على ما تقولون بقدر هذا، ثم قال لجعفر وأصحابه أنتم سيوم بأرضي، (أي آمنون) من سبكم أو أذللكم أو آذاكم غرم، ابشروا