واجعلوا نصب أعينكم ما جاء في الآية الأولى المارة والاية ١٨ من سورة النّساء، بأن تبغوا طريقا للألفة كي يتيسر لكم الرّجوع إذا عنّ لكم «وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» غير مقدر بقدر لأنه بالوضع تنتهي العدة وترفع عنكم كلفة نفقتها أما ذوات الحيض والآيات واللائي لم يحضن فلكل منهن قدر معلوم بينه الله لكم وألزمكم النفقة بقدره، أما ذوات الأحمال فإنه قد يتأخر الحمل إلى سنتين في مذهب أبي حنيفة، وإلى أربع في مذهب الشّافعي لذلك أوجب الله النّفقة على المطلق إلى حين الوضع، وإنهما رضي الله عنهما لم يقولا بذلك إلّا لما ثبت لديهما بالاستقراء، ولا قيمة لقول بعض الأطباء بأن الحمل لا يتأخر عن تسعة أشهر بعد أن ثبت حسا بأقوال الثقات. ومبنى قول الأطباء على العادة والعادة قد تنخرم أحيانا لأنها تكون أغلبية والله خرق العوائد. هذا وإن هؤلاء المطلقات إذا وضعن حملهن عندكم «فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ» أولادكم باختيارهن إذ لا يجبرن على الإرضاع إلّا بالصورة المبينة في الآية ٢٣٨ من سورة البقرة «فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» عليه
لأنهن غير مكلفات إرضاع أولادكم، وفي حالة التكليف لهن الاجرة المتعارفة عليكم «وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ» لايق بالمروءة، فعلى الأب أن لا يماكس بقلة الأجرة ويماطل بدفعها، وعلى الولي عند فقده أن يقوم مقامه، وعلى المرأة أن لا تعاسر بطلب أكثر من أجر المثل أو تمنع عن الإرضاع في حالة عدم قبول الولد ثدى غيرها حفظا لحق الولد «وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ» بأن أصر كلّ منكم على ما يريده ولم يتساهل أحد منكم فلم تتفقوا على قدر معلوم وكان الولد يقبل ثدى المرضعات «فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى»(٦) رفعا للنزاع والتشاحن، وإلّا فإن لم يقبل غير ثدي أمه فتجبر على إرضاعه بأجر المثل رضيت أم لم ترض كما بيناه في الآية الآنفة الذكر من سورة البقرة، لأن الله تعالى يقول «لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ» على قدر حاله ونسبة أمثاله «وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ» وضيق كسبه ولم يكن له مال «فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ» بقدر ما يتمكن عليه لا على ما تطلبه المرضعة إذ «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها» الغني بحسب غناه، والمتوسط بمقتضى حاله، والفقير على