نزولها بأقل من سنتين، ولكن السّؤال والحادثة وقعت في ذلك، والفتيا تابعة لها. وهذه الآية ليست بناسخة للآية ٢٣٤ من سورة البقرة بل مخصصة لها، فتلك باق حكمها في غير ذوات الحمل، وهذه مقتصرة على الحوامل فقط، فلو وضعت حملها بعد الطّلاق أو الوفاة بيوم واحد فقد حلت للأزواج، لأن دم النفاس لا يمنع الزواج، وكذلك الحيض، ولا تكون ناسخة أيضا للآية ٢٢٩ من البقرة أيضا، والآيات الأخر المتقدمة فيها، لأن حكمها باق في غير الحوامل من ذوات الحيض، وهذه مخصصة بالحوامل، لأن النّسخ هو رفع الحكم بالمرة، وهذا غير موجود هنا، وكذلك الآية ٤٩ من سورة الأحزاب فإنها غير ناسخة لآية البقرة ولا هذه ناسخة لها، ولا يوجد في القرآن نسخ بمعنى ابطال الحكم بالكلية كما قاله بعض المفسرين، وإن بقاء الآية المنسوخ حكمها للتلاوة فقط، بل النّسخ يكون بالمعنى الذي ذكرناه من التخصيص والتقييد والتدريج بالأحكام والتخفيف فيها ولهذا فإنك دائما ترى في القرآن العظيم إذا تتبعته بحسب نزوله العام والمطلق سابقين على الخاص والمقيد، أما النّسخ بمعنى إبطال الحكم بالكلية من أنه مناقض له بحيث لا يمكن التأليف بينهما فغير موجود بالقرآن حتما، وكذلك ما قيل إن بعض الآيات قد نسخ حكمها وتلاوتها مع بقائها في القرآن لا صحة له البتة، راجع ما بيناه في المقدمة في بحث النّسخ والآية ١٠٧ من البقرة تجد ما يقنعك. قال تعالى «وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً»(٤) بأن يسهل عليه أمر الدّنيا والآخرة «ذلِكَ» الحكم المنوه به هو «أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ» أيها النّاس لتعملوا به، فخذوه واحذروا أن تخالفوه «وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ» ويعمل بما أمره به «يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً»(٥) كثيرا إذ يضاعف له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة إلى مالا نهاية. ثم بين جل بيانه كيفية التقوى بأمر النساء فقال عز قوله «أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ» بحسب ما تجدونه من السّعة والطّاقة، لأن الله لم يكلفكم فوق قدرتكم «وَلا تُضآرُّوهُنَّ» فتؤذوهن ولو بالكلام «لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ» كى يخرجن من بيوتهن كرها، بل عاملوهن بالحسنى مدة عدتهن، وتذكروا وصية الله فيهن،