العذاب والقتال وافتتاح لكل خير واسم الله تعالى يدل على السّلام وإنما جاءت ينبذ العهود المعقودة مع الكافرين وتهديدا لهم بالحرب والقتل، يرده أن البسملة كتبت أول المطففين والهمزة وقد بدأتا بالويل، وأين الويل من الرّحمة، وكتبت أول سورة المنافقين والكافرين وشتان بينهما وبين الرّحمة، لهذا فإن ما جرينا عليه من أنها أنزلت هكذا بلا بسملة، وأن حضرة الرّسول أفرها وأمر بإثباتها في الصحف على ما هي عند الله تعالى، وهذا هو الصّواب، لأن القراء والعلماء اتفقوا على جواز قراءة البسملة عند تلاوة (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ) الآية ٣٧ الآتية وأمثالها، وكان صلّى الله عليه وسلم يكتب للمحاربين بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، وإنّ ترك كتابتها هنا وإثباتها في سورة النّمل دليل على أنها آية مكررة في القرآن العظيم حيث أنزلت كتبت، وحيث لم تنزل لم تكتب، وهذا هو الصّحيح كما ذكرناه في المقدمة في بحث البسملة فراجعه.
مطلب عدم صحة القول بانها والأنفال سورة واحدة لعدم الفصل بينهما بالبسملة وعدد غزوات الرّسول وما هي:
وما قيل إن سورة التوبة وسورة الأنفال سورة واحدة ولذلك لم تكتب البسملة أولها اكتفاء بالبسملة أول الأنفال قيل لا يرتكز على نقل صحيح ولا دليل واضح، ولا يستند لقول ثابت يوثق به، لأنهما لو كانتا سورة واحدة لنزلتا دفعة واحدة معا ولأمر الرّسول بضمهما بعضهما بعض لأن مجرد وضعها تحت الأنفال لا يدل على أنها منها، لأن وضع السّور بمواضعها الموجودة الآن بالمصاحف بحسب ترتيب القرآن أمر توقيفي من قبل حضرة الرّسول صلّى الله عليه وسلم بإشارة من جبريل عليه السّلام على نسق ما هو مدون في اللّوح المحفوظ عند الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولهذا فإن الحق أنهما سورتان منفردتان نزلت كلّ واحدة منهما على حدة، وبينهما سبع سنين، لأن الأنفال نزلت بعد البقرة عقب حادثة بدر، وهذه من آخر القرآن نزولا. هذا وإن كثيرا من المفسرين والقراء قالوا إن سورة الضّحى والانشراح سورة واحدة، والفيل وقريش واحدة، وقد وضع لكل منهما البسملة مع أن كلا منهما نزلت بعد الأخرى، ويوجد بينهما ارتباط في