«وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ» يكون لهم الفضل عليهن أيضا من المهر قبل العقد والنفقة بعده، فلهذه الأسباب علوا على النساء وسلطوا عليهن أيضا عند الاقتضاء لتأديبهن والأخذ على أيديهن والقيام بمحافظتهن. قالوا كان سعد بن الربيع من النقباء فلطم امرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهيد بسبب نشوزها، فأخذها أبوها إلى الرسول وقال له افرشته كريمتي فلطمها، فقال صلّى الله عليه وسلم لتقتصنّ منه، فانصرفت لتقتصّ منه، فقال صلّى الله عليه وسلم ارجعوا، هذا جبريل أتاني فأنزل الله هذه الآية فقال صلّى الله عليه وسلم أردنا أمرا وأراد الله أمرا، والذي أراد خير، ودفع القصاص بمثل هذا. أخرج ابو داود عن عمر عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال لا يسأل الرجل فيم ضرب امرأته- وهذا على تقدير عذر له- وأخرج الترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لو كنت آمرا أحدا أن بسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. مبالغة في لزوم طاعتها له، لأن من جعله الله قائما على شيء فقد أمره عليه «فَالصَّالِحاتُ» منهن «قانِتاتٌ» مخبتات مطيعات لأزواجهن «حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ» من كل ما يجب حفظه في غيبة أزواجهن من إبداء زينتهن للأجانب ومخالطتهن لهم فلا يلحقنه عارا ما من حفظ بيته وماله فلا يدخلن عليه أحدا، ولا يبذرن مما فيه، ولا يعطين أحدا منه دون علمه، لأنهن راعيات في بيوت أزواجهن، وكل راع مسئول عن رعيته عند الله تعالى، فإذا أعطت المرأة شيئا من بيت زوجها بغير رضاه يعد سرقة وتعاقب عليه شرعا، وقد أخذ عليهن العهد أن لا يسرقن كما مرّ في الآية ١٢ من الممتحنة، ولا يفشين سرّه، لأنه أمانة، فتعد خائنة بافشائه لأنها أمينة عليه، وذلك «بِما حَفِظَ اللَّهُ» لهن على الرجال من القيام بحقهن والذب عنهن. أخرج النسائي عن أبي هريرة قال قيل يا رسول الله أي النساء خير؟
قال التي تسرّه إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره. ومن وصايا الحكماء كن فوق المرأة بالسن والمال والحب، ولتكن فوقك بالصبر والجمال والأدب، وإلا احتقرتك واحتقرتها. قال تعالى «وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ» شرودهن عن طاعتكم «فَعِظُوهُنَّ» بما يلين جانبهن ويرقق قلوبهن وخوفوهن الله، فإن لم يرجعن فاستعملوا معهن الطريقة الأخرى وهي