سورة النور في ج ٣ ومثلها في فصلت الآية ٢٢ في ج ٢ وقال تعالى «كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً» الآية ١٤ من الإسراء الآتية وانشد الفراء بما يلائم هذا:
كأن على ذي العقل عينا بصيرة ... بمجلسه أو منظر هو ناظره
يحاذر حتى يحسب الناس كلهم ... من الخوف لا يخفى عليه سرائره
وفسر بعضهم المعاذير بالستور وعليه يكون المعنى ولو أرخى ستوره عند ارتكاب المعاصي لئلا يراه أحد فالله يراه وتشهد عليه جوارحه وجاء العذار بمعنى الستر، ومنه سمى الشعر الثابت ما بين الأذن والوجه عذار، ومنه عذار الفرس فانه يستر جزءا من وجهها والأول أولى وأنسب بالمقام، ثم التفت جل شأنه يخاطب رسوله بما يراه يعالجه حين تلقى الوحي فقال «لا تُحَرِّكْ بِهِ»
أي القرآن حينما تتلقاه من جبريل «لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ١٦»
وتسيء تلاوته على اثر فراغك من سماعه لتوقره في صدرك خشية نسيأنه كلا لا تخف هذا «إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ»
وإثباته في لبّك الآن وفي المصاحف بعد، حتى لا يفلت منه حرف «وَقُرْآنَهُ ١٧»
وعلينا وبكفالتنا قراءته بلسانك على قومك وان يقرأه من بعدك الى قرب أن نرث الأرض ومن عليها «فَإِذا قَرَأْناهُ»
عليك يا حبيبي بواسطة أميننا جبريل «فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ١٨»
قراءته واستمع لها وأنصت فهذا الذي عليك «ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ ١٩» لك وان كان صلّى الله عليه وسلم في بدء الوحي يحفظ ما ينزل عليه، الخمس آيات والأقل والأكثر ولما حمي الوحي احتاج إلى شدة اجتهاد به حرصا على ان لا ينسى منه شيئا، وكان لشدة حرصه على وحي ربه حال سماعه يتلوه اثر سماعه وإذا أشكل عليه شيء سأل جبريل عنه فقال له ربه لا تتعب نفسك بشيء تكفلنا لك بحفظه وبيان ما فيه من أحكام وحلال وحرام، هذا (وقرآنه) في الآيتين بمعنى القراءة وهي لغة معروفة عند العرب قال
ضحوا بأشمط غوان السجود له ... يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
أي قراءة. روى البخاري ومسلم عن ابن عباس قال كان صلّى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة فكان مما يحرك شفتيه. قال ابن جبير قال ابن عباس أنا أحركهما كما كان صلّى الله عليه وسلم يحرك شفتيه فحرك شفتيه فأنزل الله هذه الآية، وكان بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع فإذا انطلق قرأه