لأنهم لا يخلون من خطأ وإن حرصوا كلّ الحرص، وقد وعدهم بالفلاح ترغيبا لملازمتهم التوبة وأحوج النّاس إليها من يرى نفسه أن ليس له حاجة بها، لأنه غافل لاه والغافل أكثر النّاس وقوعا بالخطا. وبعد أن ذكر الله تعالى هذه الآداب الثلاثة المحتوية على آداب ثلاثة شرع يبين احكاما أخر غير الأحد عشر الأولى فقال جل قوله «وَأَنْكِحُوا الْأَيامى» الغير متزوجين رجالا أو نساء «مِنْكُمْ» أيها الأحرار «وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ» عبيدكم المذكورين «وَإِمائِكُمْ» عبداتكم الصّالحات «إِنْ يَكُونُوا» هؤلاء الأيامى «فُقَراءَ» لا مال لهم فاعطوهم على فقرهم وزوجوهم «يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ» الوافر العميم، واحذروا أن يمنعكم الفقر من التزويج والزواج، فإن الله وعد عليهما الغنى
«وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ»(٣٢) ؟؟ بهم قادر على سد حاجتهم بل على إغنائهم من فضله وكرمه وإعطائهم أكثر منكم، الا لا يمتنع الرّجل أن يزوج ابنته من الفقير لأن الله قد يغنيه بمقتضى هذه الآية، روى البخاري ومسلم عن ابن مسعود قال قال صلّى الله عليه وسلم يا معشر الشّباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء أي قطع لمادة الشّهوة، لأن الوجاء رض الخصيتين وهو نوع من الخصاء. والباءة النّكاح. وأخرج أبو داود والنّسائي عن معقل بن يسار قال قال صلّى الله عليه وسلم تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة وروى مسلم عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال الدّنيا متاع وخير متاعها المرأة الصّالحة. وقال بعضهم في تفسير قوله تعالى (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) أي مع المرأة الصّالحة كما أشرنا بهذا في الآية ٩٨ من ج ٢ هذا وإن الله تعالى كما وعد على الزواج الغنى وعد على الطّلاق الغني أيضا، راجع الآية ١٣٠ من سورة النساء المارة الحكم الشّرعي يسن على التأكيد لمن تتوق نفسه الجماع أن يتزوج، وإذا خاف من عدم الوقوع بالحرام وجب عليه إذا كان قادرا على المهر والنّفقة بنسبة أمثاله، وإلّا فعليه إدامة الصّيام كسرا لشهوته، ومن لا تتوق نفسه ذلك وهو في أمن من الوقوع في الحرام فهو بالخيار قال تعالى «وَسَيِّداً وَحَصُوراً» يمدح سيدنا يحيى عليه السّلام لأنه لا يأتي النّساء ولا يرغب فيهن مع قدرته على الزواج