للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية ١٣٤ من سورة الأنعام المارة لمناسبة غير هذه المناسبة «قُلْ» يا سيد الرسل لقومك «مَنْ يَكْلَؤُكُمْ» يحرسكم إذا نمتم «بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ» إذا انصرفتم فيه لمعاشكم «مِنَ الرَّحْمنِ» إذا أراد إبقاع عذابه بكم فيهما، وفي التعريض لعذاب الرحمن دون غيره من الأسماء المقدسة والصفات الطاهرة تنبيه على أنه لا حفيظ لهم غيره بمقتضى رحمته وتلقين للجواب ليقولوا رحمتك تحرسنا، ونظير هذه قوله تعالى (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) الآية ٧ من سورة الانفطار الآتية ليقول كرمك يا رب فإذا وفقوا يقولون هنا وهناك ولكن أنى لهم التوفيق وقد فات وقته إذ يقول الله «بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ» ٤٢ فلا يخطر يبالهم لسابق شقائهم، فيا أكمل الرسل قل لمن يجادلك فيهم «أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا» إذا أردنا بهم شرا؟ كلا، آلهتهم التي يزعمونها «لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ» فهم عن نصر غيرها عجز «وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ» ٤٣ بالنصر والتأييد ليخلفوا وإذا كانوا كذلك فلا محيص لهم من العذاب قال تعالى «بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ» الكفرة «وَآباءَهُمْ» متعناهم أيضا في الدنيا فاغتروا بها ولهوا بنعيمها «حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ» وهم في صحة وأمن وسعة فقست قلوبهم وظنوا أنهم خالدون فيها لا يغلبون عليها لفرط جهلهم أخذوا على غفلة «أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ» التي هي تحت تصرف الكفار فنسلط عليها المؤمنين و «نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها» فنسلبها منهم ونضمها للمؤمنين وهذا من الإخبار بالغيب، لأنه تقدير لما سيجريه الله تعالى لرسوله من النصر والفتوح في غزواته ومن بعده لأصحابه إذ تدخل عساكرهم أراضي المشركين عنوة أو صلحا غالبة ظافرة فنضمها إلى المسلمين فتكون في حوزتهم فإذا فعل بهم هذا «أَفَهُمُ الْغالِبُونَ» ٤٤ أم نحن؟ كلا بل هم المغلوبون، والغلبة لله ولرسوله وللمؤمنين، راجع الآية ٨ من سورة المنافقين في ج ٣، وهذا الاستفهام إنكاري جوابه النفي، وكيف لا يكونون غالبين وهم حزب الله الذي لا زال غالبا من قبل للرسل وأتباعهم، فلأن يكون الغلب لخاتم الرسل وأتباعه من باب أولى.

ولهذا البحث صلة في الآية ٤٤ من سورة الرعد الآتية ج ٣، وقد مرّ له بحث في

<<  <  ج: ص:  >  >>