الآية ٨ من سورة المؤمن والآية ٧٥ من الصافات فراجعها. وفي هذه الآية إشارة إلى أن النقص الواقع بطرفي الأرض من جهة قطبيها الشمالي والجنوبي، وهو أيضا من الإخبار بالغيب، إذ لم يكن أحد في عهد نزول القرآن يعلم ذلك، صدق الله العظيم (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) الآية ٣٨ من سورة الأنعام المارة، قيل كان ابن الجوزي يدرس في جامع دمشق في هذه الآية فقال له رجل هل في القرآن ما يدل على أن فأرة حملت عصا بذنبها وتريد أن تدخل جحرها معها؟
قال نعم في قوله تعالى (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً ... وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ) الآية ٢٥ من سورة النحل المارة، رحمه الله ما أدق فكره، راجع الآية المذكورة في سورة الأنعام المارة، والآية ٢٣ في سورة الشورى المارتين «قُلْ» لهم يا سيد الرسل «إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ» المنزل عليّ من ربي لا بما تتفوّهون به من السحر والشعر والكهانة وغيرها من الأمور الثمانية المارة من الآية ٥ من هذه السورة «وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ» ٤٥ يخوفون ولكنهم بمعزل عن السماع ولأنهم لا يسمعون مطلقا، وإنما قال بالوحي ليعلمهم أن إنذاره مقتصر على الإخبار الإلهي لا باقتراح الآيات لأنه مزاحم للحكمة التكوينية والتشريعية، ولأن الإيمان برهاني لا عياني. قال تعالى «وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ» شيء قليل وطرف يسير كأدنى شيء «مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ» ٤٦ لأقروا على أنفسهم بالظلم حالا فكيف إذا أصابهم معظم العذاب أو صب عليهم كله يا ويل من لم يرجع إلى الله قبل أن لا يقبل منه الرجوع قال تعالى «وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ» فنزن بها أعمال الخلق فمن أحاطت حسناته بسيئاته فقد فاز ونجى ومن حاقت سيئاته بحسناته فقد خاب وخسر وإذ ذاك يظهر للكافرين قوله تعالى (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) الآية ١٠٧ من سورة الكهف المارة، إذ لا أعمال لهم صالحة، وقرىء القصط بالصاد لأنه قد يحل محل السين كما أن السين نحل محله في الصراط راجع تفسيره في سورة الفاتحة في ج ١، واللام هنا في يوم القيامة بمعنى في، وعليه قول مسكين الدارمي:
أولئك قومي قد مضوا لسبيلهم ... كما قد مضى من قبل عاد وتبّع