للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً» بذلك الوزن لأن الله تعالى وصفها بالعدل على ما يعرفون أن منها ما يكون في الدنيا مستقيما ومنها ما لا يكون فبين الله تعالى لهم أن موازين الآخرة على العدل والاستقامة فلا يتصور فيها النقص والزيادة اللذان هما من دواعي الظلم «وَإِنْ» وصلية «كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ» لا يظلمه وهذا مبالغة في القلة بحسب عرفنا لأنا لا نرى أقل منها وإلا فالله تعالى يجازي ويثيب على أقل منها مما لا يدركه الطرف ولا يوزن «أَتَيْنا بِها» إلى فاعلها ليعلم أنا واقفون على كل حركاته وسكناته، وإنا نحاسبه عليها مهما كانت «وَكَفى بِنا حاسِبِينَ» ٤٧ عادين محصين ومتقنين أعمالكم عالمين بها حافظيها عليكم فنعفوا عمن نشاء ونعاقب من نشاء إذا شئنا على الفتيل والنقير والقطمير، قال الشبلي وقد رؤي بالمنام بعد مرته رحمه الله ما فعل الله بك فقال:

حاسبونا فدقفوا ... ثم منوا فأعتقوا

هكذا عادة الملوك ... بالمماليك يرفقوا

وفي رواية يشفقوا، وتشير هذه الآية إلى أن الحساب بعد وضع الموازين، أخرج الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رءوس الخلائق، فينشر له تسعة وتسعين سجلا، كل سجل مد البصر، ثم يقول أتنكر من هذه شيئا؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟

فيقول لا يا رب، فيقول ذالك عذر؟ فيقول لا يا رب، فيقول الله تعالى بلى إن لك عندنا حسنة فإنه لا ظلم عليك اليوم، فيخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فيقول احضر وزنك، فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال إنك لا تظلم، فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، فطاشت (خفت) تلك السجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل مع اسم الله شيء.

هذا لأنه قالها بإخلاص وعقيدة راسخة فخبأها الله له، وفي هذا الحديث دلالة على أن صحائف الأعمال نفسها توزن، لا أن الأعمال تنجسد ثم توزن، والله أعلم بحقيقة الحال لأن أفعال الآخرة فوق العقل لا يعرفها إلا من يشاهدها، لهذا يجب الاعتقاد والتسليم للمخبر بها. قال تعالى «وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ»

<<  <  ج: ص:  >  >>