للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيره من دون الله فهو كافر، وما جاء بالحديث الشريف المذكور أعلاء يصرف لهذه الفئة، أما من يعتقد أن التأثير عندها لا بها وينسب الفعل إلى الله تعالى فلا يكفر، وكذلك من يعتقد أن التأثير بها على معنى أن الله تعالى أودع فيها قوة مؤثرة فمتى شاء أثرت ومتى شاء لم تؤثر، وكذلك من أسند ذلك إلى العادة التي يجوز انخرامها لا يكفر، والأولى عدم اعتقاده بذلك أيضا، وأما من يستدل بذلك على حدوث المطر والريح وأنه قد يحصل بإذن الله تعالى وقد لا يحصل فلا شيء عليه لأنه لم يجزم بالحصول كما أن الإبرة، إنما تدل عند ترطب الجو على حصول المطر أو حصول أرباح وزوابع لتأثرها بذلك كما ذكرنا آنفا، وأنه قد يقع ما تدل عليه خلال أربع وعشرين ساعة، وقد لا يحصل ما تدل عليه لطوارئ طرأت على تبدل حالة الجو التي كانت عليه أولا، وهذه لا تعارض قوله تعالى في الآية الأخيرة من سورة لقمان الآتية الدالة على أن نزول الغيث خاص بعلمه تعالى، لأنه في الحقيقة لا يعلم وقت نزوله إلا الله، كما أن الغيب لا يعلمه غيره، لأن الإبرة المذكورة لا تدل على أنه ينزل ساعة كذا أو دقيقة كذا، لأنها إذا بقي الجو على حالته قد تصدق خلال أربع وعشرين ساعة وإلا فلا، لأنه من علم الغيب وذلك من التوسم الداخل في قوله تعالى (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) الآية ٧٥ من سورة الحجر الآتية، قال تعالى «قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً» منكم وأعجل عقوبة وأشد أخذا، ثم هددهم بقوله «إِنَّ رُسُلَنا» الملائكة الموكلين بحفظكم في الأرض من طوارق الجن والشياطين «يَكْتُبُونَ» في صحفهم «ما تَمْكُرُونَ ٢١» في هذه الدنيا وتعرض عليكم صحفهم في الآخرة لتجازون بمقتضاها، وهناك يتضح ما كنتم تخفونه من المكر وغيره قابل الله تعالى مكرهم بأشد منه، إذ خبأ لهم جزاء كيدهم إلى يوم القيامة وأمهلهم في هذه الدنيا ليزدادوا إنما. واعلم أن عرض صحف الملائكة على الناس كأفلام السينما الآتي بيانها في الآية ٢٩ من آل عمران في ج ٣ والآية ٤٩ من سورة الكهف الآتية، قال تعالى «هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ» يا أهل مكة كغيركم «فِي الْبَرِّ» على دوابه وانعامه «وَالْبَحْرِ» على فلكه وسفنه ويهديكم إلى مقاصدكم بالعلامات الأرضية من الأودية والجبال والأنهار والعلامات السماوية من

<<  <  ج: ص:  >  >>