المشركين عند سماع كلام حضرة الرسول في قرآن أو غيره، راجع الآية ١٢٧ من سورة التوبة في ج ٣ «بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ» أي هؤلاء المعرضون «أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً ٥٢» قراطيس تنشر وتقرأ كالكتب التي يتكاتب بها الناس، أي أنهم لا يكتفون بتلك التذكرة من حضرة الرسول ولا يرضون بها وذلك أن كفار قريش قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لن نتبعك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه من رب العالمين إلى فلان نؤمر فيها باتباعك، ونحو هذا القول ما يأتي في الآية ٩٢ من سورة الإسراء الآتية.
مطلب ما يطلبه قريش من الرسول:
وقالوا بلغنا أن الرجل من بني إسرائيل كان يصبح وعند رأسه ذنبه وكفارته فأتنا بمثل ذلك، وقالوا إن كان محمد صادقا فيصبح عند رأس كل واحد منا صحيفة فيها براءته وأمنه من النار، فرد الله عليهم بقوله عزّ قوله «كَلَّا» لا يؤتون شيئا من ذلك، وهذه كلمة ردع وزجر ونهي لهم عن طلب تلك الاقتراحات والتمنّيات «بَلْ لا يَخافُونَ» بالياء والتاء هؤلاء هول «الْآخِرَةَ ٥٣» ولا يخشون عذابها وما أو عدوا فيها إذ لو خافوا ذلك لما اقترحوا شيئا من هذه الاقتراحات الواهية ولأن ما حصل من المعجزات وما قام من الأدلة على اثبات نبوته وصحة ما جاءهم به كاف على وجوب الإيمان به، ولكنهم لن يؤمنوا ولو جئنهم بكل آية، راجع الآية ٩٥ من سورة يونس في ج ٢، فطلبهم هذا زيادة في التعنّت والعناد ولهذا زجرهم بقوله «كلّا» حقا «إنّه» القرآن «تَذْكِرَةٌ ٥٤» عظيمة وعظة بليغة كافية لمن وفقه الله للايمان «فَمَنْ شاءَ» منكم أيها الناس أن يذكره «ذَكَرَهُ ٥٥» ولم ينسه واتعظ به ولم يطلب غيره لأن نفعه عائد عليه «وَما يَذْكُرُونَ» هؤلاء وغيرهم بمشيئتهم إذ لا يقدرون أن يذكروه «إلّا» وقت «أَنْ يَشاءَ اللَّهُ» لهم ذلك فإن شاء لهم الهدى تذكروا فيه فاهتدوا وإلا لا، فانه «هو» وحده جل جلاله «أَهْلُ التَّقْوى» وبالحري أن يتقيه عباده ويخافوا عقابه فيؤمنوا به ويطيعوه «وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ٥٦» وحقيق أن يغفر للطائعين ما سلف ت (٨)