من سورة الأعراف في ج ١ «فَاسْتَكْبَرُوا» عن قبولها وتعاظموا على رسلنا وأعجبوا بأنفسهم فجحدوا صحتها وأصروا على كفرهم «وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ ٧٥» في ذلك لاجترائهم على ردّ آيات الله تعالى وكفرهم بها «فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا» وعرفوه حقا لا مناص لهم من إنكاره «قالُوا إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ ٧٦» ظاهر يعرفه كل أحد «قالَ مُوسى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ» الصريح «لَمَّا جاءَكُمْ» من الحق «أَسِحْرٌ هذا» خاطبهم على سبيل الإنكار، أي كيف تقولون لهذا الحق سحر وهو حقيقة واقعة، وقد أدى عنادكم لهذا القول البذي الذي سمّيتم الحق به سحرا، ثم احتج على صحة قوله بأنه ليس بسحر بل حق محض بقوله «وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ» ٧٧ بمطلوبهم ولا يفوزون بمرغوبهم، ولا ينجحون بمشروعهم، لأن السحر عبارة عن تمويه وتخييل غير دائم، فصاحبه مغلوب ومبهوت وخاسر في أمره غير ظاهر ببغيته. وإن ما جئتكم به سيكون له الفوز والغلبة عليكم بصورة واضحة دائمة، وما كان هذا شأنه فليس بسحر «قالُوا أَجِئْتَنا» الكلام فيه حذف أي بهذا السحر يا موسى أنت وأخوك «لِتَلْفِتَنا» تلوينا وتصرفنا بما عندك من السحر، وتلفتنا «عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا» من الدين القديم المألوف، وتصرفنا إلى دين حديث لا نعرفه «وَتَكُونَ» بذلك «لَكُمَا الْكِبْرِياءُ» العظمة والسلطان علينا، وتطلق هذه الكلمة على الملك لأنه أكبر شيء يطلب في الدنيا ويرغب فيه «فِي الْأَرْضِ» منطقة مصر، لأن ملك فرعون لم يتجاوزها لما مر في الآية ٤٦ من سورة القصص في ج ١ مما حكاه الله على لسان شعيب عليه السلام الدالة على اقتصار ملك فرعون بأرض مصر لا يتخطاها لغيرها «وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ ٧٨» ولا مصدقين ما جئتمانا به وفيه تأكيد لإنكارهم السابق، وانما ثنوا الخطاب لموسى وأخيه مع أنه وحده الذي خاطبهم تعظيما لأمر الإعراض معنى ومبالغة في إغاظة موسى وإقناطه من إيمانهم به وبأخيه، وانما أفردوه بقولهم «لِتَلْفِتَنا» لأنه من خصائص صاحب الشريعة وهو موسى عليه السلام «وَقالَ فِرْعَوْنُ» وحده دون ملائه لأن الأمر له ومن خصائصه وما يهمه. أما الاستكبار المار ذكره ونحوه فهو مما يسند