للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانطلقت أطلبها، فإذا السراب يقطع دونها، وأيم الله لوددت أنها ذهبت ولم أقم.

هذا ومعنى كان الله ولم يكن معه شيء، يعني لا الماء ولا العرش ولا غيرهما، ومعنى كان عرشه على الماء، يعني خلق الماء وخلق العرش فوقه، ومعنى العماء سحاب رقيق ليس معه شيء، ومعنى قوله ليس فوقه هواء أي ليس فوق العماء هواء، وكذلك وما تحته هواء، وفي رواية في عمى بالقصر لا بالمد، وعليه يكون المعنى أن لا شيء ثابت في ذلك، لأنه من عمى معرفته عن الخلق أي كان قبل أن يخلق خلقه، ولم يكن شيء غيره، ويكون معنى ما فوقه هواء ليس فوق العمى هواء ولا تحته هواء، لأنه لا شيء، وإذا كان لا شيء فليس يثبت له هواء بوجه ما.

وقيل العمى كل أمر لا يدركه الفطن والله أعلم، لأن هذا التأويل على كلام العرب المعقول عنهم، وإلا فلا أحد يدري كيف كان ذلك العماء، فيجب الإيمان به بلا تكييف، لأن الأمور المتشابهة ينبغي الإيمان بها حسب ظاهرها والوقوف عندها، وذلك طريق السلامة، راجع الآية ٥ من سورة طه المارة في ج ١ تجد ما يسرك «لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا» في هذه الدنيا وأكثر ورعا عن محارم الله، وأعظم شكرا لنعمائه، وأحسن تفكرا في موضوعاته، وأشدّ تدبرا في مكوناته أي لهذا خلقها وخلق ما فيها من الخلق الذي من جملته أنتم أيها العقلاء، ورتب فيها ما تحتاجون إليه من بدء وجودكم وأسباب معايشكم، وأودع فيها ما تستدلون به على بدائع مكوناته، وتعتبرون بها على ما يقع من مقدراته ليعاملكم معاملة المختبر الممتحن فيرى المحسن منكم لخلقه ويجاز به على إحسانه، والمسيء التصرف في ذلك فيعاقبه على إساءته، وإلا فهو عالم بالصالح والطالح قبل إيجادهما «وَلَئِنْ قُلْتَ» يا سيد الرسل لكفار قومك «إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ» أحياء كحياتكم هذه فتسألون عما عملتم وتحاسبون عما وقع منكم في الدنيا، فيثاب المؤمن على إيمانه ويعاقب الكافر على كفره «لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا» الذي يقوله محمد ويزعم أنه من القرآن الذي أنزل عليه من ربه ما هو «إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ٧» ظاهر خداعه باطل لا أصل له، يريد به أن نقول ما يقوله من الحياة بعد الموت وعبادة الإله الواحد ليغرينا به، قال تعالى «وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>