من أهل الكتابين المخلصين الذين لا يكابرون ولا يعاندون ولا يبدلون ولا يغيرون شيئا منها برأيهم مما يكون مخالفا لمراد الله تعالى ولما أنزله على رسلهم ولا يكتمون الحق المشار إليهم بأنهم على بينة من ربهم «يُؤْمِنُونَ بِهِ» أي القرآن لأنه يشتمل على ما في التوراة «وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ» الذين تجزّبوا على حضرة الرسول من أهل مكة وأهل الكتابين وغيرهم «فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ» يوم القيامة ومصيره فيها، والموعد مكان الوعد قال حسان:
أوردتموها حياض الموت ضاحية ... فالنار موعدها والموت لا فيها
«فَلا تَكُ» أيها الإنسان الكامل «فِي مِرْيَةٍ» شك أو شبهة «مِنْهُ» بأنه من غير الله بل هو حقا من عنده راجع الآية ٩٤ من سورة يونس المارة «إِنَّهُ» أي هذا القرآن «الْحَقُّ» الصريح الواقع الواضح «مِنْ رَبِّكَ الذي رباك في أمر دينك ودنياك وفضلك على من سواك «وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ ١٧» أنه من عند الله لكثافة الرين الغاشي قلوبهم ولشدة عنادهم ومكابرتهم وعتوهم، واختلاف انكارهم، ونظير هذه الآية الآية ٢٨ من سورة الأحقاف الآتية. هذا، واعلم أن بعض المفسرين أعاد ضمير منه الأول إلى محمد صلى الله عليه وسلم وقال إن الشاهد هو علي كرم الله وجهه، لاتصاله بحضرة الرسول، مستدلا بما قاله جابر بن عبد الله قال علي بن أبي طالب ما من رجل من قريش إلا وقد نزلت فيه الآية والآيتان، فقال له رجل وأنت أي آية نزلت فيك؟ فقال عليه السلام ما تقرأ الآية التي في هود (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) أي من النبي صلى الله عليه وسلم والمراد تشريفه عليه السلام وهو المشرف على جميع الناس بعد الأنبياء، كيف لا وهو ابن عمه وبمنزلة هرون من موسى، وهو ختنه، وهو الذي فداه بنفسه يوم الهجرة، إلا أن سياق التنزيل يأباه، وهذا الخبر أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه، ولا يكاد يصح، ويرده ما روي عن محمد بن الحنفية، قال قلت لأبي (يعني عليا) أأنت التالي، قال وما تعني بالتالي؟ قلت قوله سبحانه (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) قال وددت أني هو، ولكنه لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني في الأوسط، ووجه هذا القول أن اللسان. يعرب عن الجنان