للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج ١، وبعدت قرئت بضم العين كما في الآية، وقرئت بالكسر، وعليه قوله:

يقولون لا تبعد وهم يدفنوني ... وأين مكان البعد إلا مكانيا

من بعد يبعد بكسر العين في الماضي وفتحها في المضارع ومعناها على كلا القراءتين الهلاك، والقصة مفصلة في الآية ٩٣ من الأعراف المارة في ج، قال تعالى «وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ ٩٧» سميت الحجج والبراهين سلطانا لأن صاحبها يقهر من لا شىء له منها، كالسلطان بالنسبة لرعيته «إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ» لإرشادهم وهدايتهم باتباعه، ولكنهم لم يلتفتوا إليه «فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ» الطاغية وكيف يتبعونه وينقادون لأمره «وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ٩٨» لأنه ضال وكافر وأمره ضلال وكفر غير محمود العاقبة لأنه لا يدعو إلى هدى وسترونه «يَقْدُمُ قَوْمَهُ» إلى النار «يَوْمَ الْقِيامَةِ» وهم وراءه «فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ» أدخلهم فيها لأنه كما كان أمامهم في الضلال في الدنيا حتى أغرقهم في البحر يكون أمامهم في الآخرة حتى يدخلهم جهنم «وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ٩٩» النار لأن القصد من الورد تسكين ألم العطش والنار ضده فاستعمل في ورود النار على سبيل الفظاعة، لأنه شبه فرعون بالفارط الذي يتقدم الواردين إلى الماء وأتباعه بالواردين والماء بالنار والعياذ بالله، «وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدنيا لَعْنَةً» طردا وبعدا من الرحمة «وَيَوْمَ الْقِيامَةِ» لعنة أخرى أفظع من لعنة الدنيا وسيقال لهم «بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ١٠٠» العون المعان بترادف اللغتين لأن كل شيء جعلته عونا لآخر وأسندت به شيئا فقد ردفته، ولهذا اخترنا تأويل الرفد بالعون على تفسيره بالبطاء الذي هو من معناه أيضا لملاءمة المقام، إذ لكل مقام مقال «ذلِكَ» الذي قصصناه عليك يا سيد الرسل من أخبار نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى عليهم السلام مع أقوامهم، وكيفية إهلاكهم لما أصروا على كفرهم ولم يطيعوهم كله «مِنْ أَنْباءِ الْقُرى» السابقة «نَقُصُّهُ عَلَيْكَ» لتخبر به قومك فينتبهوا من غفلتهم ويتعظوا بما حل بهم علهم يرجعوا عن غبهم، ولتسلي نفسك وتتأسى بما تأسى به إخوانك الأنبياء قبلك، لئلا يضيق صدرك مما يجابهونك به، ولتعلمهم أنهم إذا لم يؤمنوا ويرجعوا إلى الله فيصيبهم ما أصابهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>