للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل السعادة فسيصير لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة فسيصير لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) الآية ٥ فما بعدها من سورة والليل المارة في ج ١، وقد ذكرنا ما يتعلق في هذا في سورة والعصر المارة في ج ١ فراجعه. هذا وهناك أقوال أخر في الاستثناء الآنف الذكر في حق الفريقين أعرضنا عن ذكرها لمضاربة بعضها لبعض فضلا عن كثرتها، وفائدة دفع توهم كون الخلود أمرا واجبا عليه تعالى لا يمكن له نقضه، وهو جل شأنه ما عليه واجب وغاية ما فيه إرشاد العباد إلى تفويض الأمور إليه تعالى وإعلامهم بأنها منوطة بمشيئته يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، لا حق لأحد عليه ولا يجب شيء عليه (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) الجملة من الآية المارة، فإذا شاء تعذيب أهل الجنة فعل وإذا شاء تنعيم أهل النار فعل، لا منازع له، له الخلق والأمر، ولا يبعد أن يكون هذا الاستثناء على نمط الاستثناء الذي ندب إليه الشرع في كل كلام على نحو قوله تعالى (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) الآية ٢٨ من سورة الفتح في ج ٣ استثناء في واجب وهو في حكم الشرط كأنه قيل إن شاء ربك فليس يحتاج أن يوصف بمتصل أو منقطع، وذكرنا في الآية ١٩ من الفرقان والآية ٧٢ من مريم المارتين في ج ١، دحض قول من يقول إن مرتكب الكبيرة يخلد في النار فراجعه، وقد أخرج الترمذي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:

لما نزلت (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) قلت يا رسول الله فعلام نعمل على شيء قد فرغ منه أو على شيء لم يفرغ منه؟ قال بل على شيء قد فرغ منه وجرت به الأقلام يا عمر ولكن كل ميسر لما خلق له. وأخرج الترمذي والنسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان فقال أتدرون ما هذان الكتابان قلنا لا يا رسول الله أما تخبرنا؟ فقال الذي بيده اليمنى هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل الجنة وآبائهم وقبائلهم ثم أجملهم على آخرهم فلا يزداد فيهم ولا ينقص منهم أبدا، ثم قال الذي بشماله هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل النار وآبائهم وقبائلهم ثم أجملهم على آخرهم فلا يزداد فيهم ولا ينقص منهم أبدا، ثم قال للذي بشماله هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل النار وآبائهم وقبائلهم ثم أجملهم على آخرهم فلا يزداد فيهم

<<  <  ج: ص:  >  >>