من القوم يا نبي الله هذه له خاصة؟ قال بل للناس كافة. وهذا مما يؤيد أن الأسباب لا تقيد الآيات فإنها وإن نزلت بمعين فمعناها يبقى عاما شاملا غيره.
هذا وما ذكرناه قبلا بمناسبة الآيات المدنيات بأنها كالعترضة قبلها وبين ما بعدها لا يمنع أن تشير إلى ما قبلها من الآيات كهذه، لأنها لم تأت إلا لمناسبة، وكذلك الآيات المكيات في السور المدنيات، وكذلك بين السور. وروى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن.
زاد في رواية: ما لم يغش الكبائر. وزاد في أخرى: ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر. وروى البخاري عن جابر قال: قال صلّى الله عليه وسلم مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات.
قال الحسن وما يبقى من الدرن. وروى الترمذي عن أبي ذر جندب بن جنادة وأبي عبد الرحمن معاذ بن جبل رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
اتق الله حيثما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن.
وقال العلماء الصلوات والأعمال الصالحة تكفر الذنوب الصغائر، استنباطا من هذه الأحاديث. أما الآية فهي عامة للصنفين، إلا أن جمهور العلماء خصّوها بالصغائر، وقالوا أما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة النصوح. وسنأتي على ذكرها في سورة التحريم في ج ٣ إن شاء الله تعالى القائل «وَاصْبِرْ» يا أكرم الرسل على أذى قومك وما تلاقيه منهم وعلى القيام بما أمرت به من الاستقامة وأداء ما افترضته عليك، وأحسن لمن أساء إليك «فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ١١٦» لأنفسهم ولربهم بالإحسان إلى عباده والناس أجمعين، بل يجازيهم عليه جزاء حسنا وافيا. وانظر رعاك الله إلى بلاغة هذه الآيات الجليلة (وكل آياته جليلة، إلا أن بعضها أبلغ من بعض، كما أن منها الحسن والأحسن) راجع الآية ٥ من سورة يوسف والآية ٥٥ من الزمر الآتيتين، كيف أفرد بخطابه جل خطابه أوامر أفعال الخير لحضرة الرسول، وإن كانت في المعنى عامة له ولأمته، وجمع أوامر النهي لصرفها لامته تعظيما لشأنه وإجلالا لقدره، وكل منها يفيد المعنى المطلوب. قال تعالى «فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ» الذين أهلكناهم «مِنْ قَبْلِكُمْ» يا أمة