للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحين وقت من الزمن يقع على القليل والكثير، قالوا مبدأه خمس وآخره أربعون سنة، وسنأتي على بيانه مفصلا في تفسير سورة الإنسان في ج ٣، وعلى كل في هذه المدة تذهب استفاضة تلك الواقعة، قالوا فأمر به فحمل على حمار وسيق للسجن، قالوا وكانت تتأمل أنه بعد أن يذلل في السجن تلين عريكته وتنقاد لها قرونته فتظفر بما أرادته منه بطوعه بعد أن تصرمت حبال رجائها منه بعرض جمالها بنفسها وبإغوائها وبمالها وبتأثيرها فلم يجد شيئا، قال تعالى «وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ» قالوا إن أحدهما خباز الملك صاحب طعامه، والثاني ساقيه وصاحب شرابه لأنهما أدينا بجرم الموافقة مع جماعة من أشراف مصر أعداء الملك لا غتياله لقاء جعل معلوم على أن يدسا السم في طعامه وشرابه، وأن الخباز قبل الجعل المسمى له والساقي أبى، وقد وصل إلى الملك بأن ما يوضع أمامه من الطعام والشراب مسموم، وحذره من أخبره من تناول شيء منه، وقيل إن الساقي أخبر الملك بأن الطعام الذي هيأه له الخباز مسموم، وأن الخباز قال للملك إن الشراب الذي أحضره لك الساقي مسموم بمقابلة قول الساقي له إن الطعام مسموم، فكلف الملك الساقي أن يشرب ذلك الشراب ففعل ولم يصبه شيء، ثم كلف الخباز أن يأكل الطعام الذي أحضره له فأبى، فأطعمه دابة فماتت لساعتها، فظهرت خيانته فحبسهما معا على توهم أن الساقي تواطأ مع الخباز أي الطاهي قبلا ولم يخبره إلا عند الأكل حتى يظهر التحقيق براءته، ولما كان هذه القصة عظيم من الأهمية فقد يظلم في بدايتها كثير من الناس ثم ينجو من قدر له النجاة. قالوا ولما دخل يوسف السجن صار يعظ الناس وينصحهم ويحذرهم من الموبقات، ويأمرهم بالمعروف، ويحبّذ لهم عمله، وأن يحسنوا لأنفسهم وغيرهم ويتباعدوا عن المنكرات لئلا يقعوا في سوء عواقبها، ويقول لهم من رأى منكم رؤيا فليأت إليّ أعبرها له بما يلهمني الله تعالى مما يدل على خيرها وشرها، فقال الفتيان لنجربنّه ونتراءى له رؤيا، وكان عليه السلام يراهما مهمومين، فقال لهما ما شأنكما، فقصا عليه الأمر الذي حبسا من أجله وأتبعا حديثهما بما صوراه من الرؤيا «قالَ أَحَدُهُما» صاحب الشراب «إِنِّي أَرانِي» رأيت نفسي في المنام وعبّر في المضارع لاستحضار الصور الماضية في ذهنه

<<  <  ج: ص:  >  >>