للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو كبيرة وبين ذلك، لا تضر ولا تنفع، ولا عن نفسها شرا تدفع، «خَيْرٌ» بأن تتخذوها ربا وتعبدوها «أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ ٣٩» لكل شيء القادر على الإحياء والإماتة والإغناء والإفقار، الذي قهر الجبابرة بالخذلان والموت الذي لا يشبهه شيء من خلقه، والمنفرد بالإلهية، المنقطع النظير، والقوي الذي لا يغلبه غالب ولا يطلبه طالب، لا زوجة له ولا ولد، ولا معين، ولا وزير، وهذا الخطاب عام للمخاطبين ولمن هو على دينهما من أهل مصر، وعلى هذا فتكون التثنية باعتبار أنهم جماعة من سلفهم جماعة على حد قوله تعالى (فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ) الآية ٤٥ من سورة النمل في ج ١، ومن هنا تعلم أن هذا يشمل طالبي تعبير الرؤيا وغيرهما، وهذا أحسن في التعبير وأنسب بالمقام راجع تفسير الآية المذكورة، وعليه جاء قوله تعالى «ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ» أربابا وآلهة من الأوثان «إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ» بلفظ اجمع على المعنى الأخير، وكذلك ما تدعون التقرب إلى الله به من عبادة الكواكب والحيوانات والجمادات، كلها إفك «ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ» يؤيد وجودها ولا برهان يثبت عبادتها، ولا يوجد دليل على تسميتها آلهة لأنها ذليلة حقيرة يقدر على إهانتها كل أحد، ويحطمها المرأة والولد، ثم قال مظهرا لهم التأثر على عكوفهم على عبادة ما لا يصلح للعبادة والأسف على الركون إليها وهي لا شيء «إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ» أي ما الحكم في أمر العباد والعبادة إلا للإله المنفرد بالحكم الذاتي الذي «أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا» أيها الناس ملكا ولا بشرا ولا جنا ولا إنسا ولا جسما ولا شيئا «إِلَّا إِيَّاهُ» إذ لا معبود بحق غيره «ذلِكَ» تخصيص الإله الواحد القهار بالعبادة والسيادة ونفيهما عن غيره هو «الدِّينُ الْقَيِّمُ» الثابت بالأدلة القطعية والبراهين الساطعة «وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ» ٤٠ وهذا من مبادئ رسالته عليه الصلاة والسلام، لأنه نبىء بالبئر وهو ابن ثماني عشرة سنة، وأرسل وهو في السجن وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة على أصح الأقوال بدليل هذه الآية، وقد وصف الأكثر بأنهم لا يعلمون دين الله وأوامره ونواهيه لجهلهم الحجج السماوية والأرضية الدالة على الألوهية وعدم استعمالهم ما منحهم الله به

<<  <  ج: ص:  >  >>