وهذه بخلاف ربما إذ لا تدخل على الأسماء كما بيناه آنفا في الآية الثانية «تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ» ليشهدوا على دعواك رسالة الله لنا كي نصدّقك «إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ٧» بها قال تعالى ردا عليهم «ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ» على طلبكم الواهي وما ننزلهم «إِلَّا بِالْحَقِّ» عند إرادتنا إنزال العذاب بأحد، وعند قبض الروح، وعند إنزال الوحي، وعند اقتضاء أمر تقتضيه حكمتنا «وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ ٨» ممهلين بل لأوقعنا بهم العذاب حالا مع نزول الملائكة، نزلت هذه الآية في كفار مكة القائلين إلى محمد صلّى الله عليه وسلم أنزل علينا ملائكة ربك الذين تزعم ليشهدوا أنك صادق بوعدك ووعيدك كي نصدقك، قال تعالى «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ» عليك يا سيد الرسل أصدّقوا أم كذّبوا «وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ٩» من كل ما يقدح فيه كالتحريف والتغيير والزيادة والنقص، بحيث لو أن أكبر رجل قرأه بزيادة حرف أو نقصه أو تبديل حركة منه لردّ عليه الصبيان، إذ لا يراعى في لحنه كبير لكبريائه، وهو الموجود بين الدفتين الآن كما كان قبل يكون بعد المتواترة قراءته كما هي فيه، كيف لا وهذا العهد من الله تعالى بحفظه له على الصورة التي أنزلت عليها، وبقائه معمولا به إلى آخر الزمان فلا يقدر أحد على إحداث شيء فيه أو إزالة شيء منه البتة بمقتضى عهده هذا، وهذا من خصائصه، لأن غيره من الكتب السماوية تطرقت إليها الأيدي بالزيادة والنقصان من تحريف وتبديل، وأدخل فيها من ما ليس منها يسبب تسلط بعض الملوك على القسوس والرهبان وأهل العلم من أهل الكتابين، وبسبب الترجمة وأسباب دنيوية وقسرية، لأن التوراة حرفت مرارا وتداولتها أيدي الملوك وعلماء السوء، والإنجيل لم ينزل دفعة واحدة ولم يجمع على عهد المسيح ولم يعلم بصورة صحيحة الذي نفله من السريانية إلى العربية، وأن الأناجيل الأربعة المعمول بها الآن وإن كانت من حيث المعنى على توافق غالبا فإنها مختلفة من حيث اللفظ، وكلام الله لا بدّ وأن يكون موافقا بعضه لبعض حرفيا في اللفظ والمعنى، وكلها مخالفة لإنجيل برنابا الذي هو موافق من حيث المعنى للقرآن العظيم بشأن صون سيدنا عيسى من الصلب وعدم توصل أيدي اليهود القذرة إلى طهارته وقدسيته، وأن المصلوب هو يهوذا الأسخريوطي المنافق الذي دلهم عليه