أنبيائه أولى، لانهما أفضل من الجميع وهو كذلك، لكن ما جرينا عليه اولى لأن الآية لم تقيد أو تخصص. وجدير بأن تبقى على إطلاقها وعمومها.
واعلم أن أنواع الخلق من البشر أربعة: من غير أب وأم وهو آدم، ومن أب بلا أم حواء، ومن أم بلا أب عيسى، ومن أم وأب سائر البشر، وغير البشر أنواع. راجع تفسير الآية ٤٥ من سورة النور في ج ٣، وجواب القسم «إِنَّ سَعْيَكُمْ» أيها الناس في هذه الدنيا وعملكم فيها «لَشَتَّى ٤» مختلف متفرق متباين، وهي جمع شتيت، وأتى بلفظ الجمع باعتبار ضمير سعيكم، والمعنى أن منكم من يسعى لخلاص نفسه، ومنكم من يسعى لهلاكها، ومنكم من يجمع بين الأمرين. روى أبو مالك الأشعري أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها. ثم بين ما يؤول اليه ذلك الاختلاف بقوله جل قوله:«فَأَمَّا مَنْ أَعْطى» ماله في سبيل الله وصلة الرحم والنفقة في طريق الخير «وَاتَّقى ٥» ربه فيما أنعم به عليه، واجتنب ما حرم عليه وفعل ما أمر به «وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ٦» كلمة التوحيد، وأيقن أن الله يخلف له ما أنفقه في طاعته، وانه يثيبه عليه في الآخرة، وآمن بما وعد به المتقين في الجنة المعبر عنها بالحسنى في الآية ٢٦ من سورة يونس في ج ٢، وقيل: ان الحسنى هي ملة الإسلام وهو كذلك إلا أنها غير مراده هنا والله أعلم «فَسَنُيَسِّرُهُ» في الدنيا «لِلْيُسْرى ٧» الخلال الطيبة والأفعال الحسنة ونسهل له كل ما نرضاه له من أعمال وأقوال توصله إلى الجنة «وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ» بماله فكنزه ومنع الفقراء من حقهم فيه ولم يصرف جوارحه لما خلقت لها في الدنيا «وَاسْتَغْنى ٨» عما قدره الله من الثواب المخصص للمتقين فى سبيله وخصّ ماله للشهوات وأنفقه فيما لا يرضي ربه «وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى ٩» بكلمة التوحيد والخلف بالوعد والجنة وما وعد الله المتقين فيها لأجله «فَسَنُيَسِّرُهُ» بالدنيا التي آثرها على الآخرة «لِلْعُسْرى ١٠» الخلال الخبيثة والأنكال المذمومة والأحوال السيئة والأعمال القبيحة من كل ما يغضب الرب من الخصال المؤدية إلى النار التي لا أعسر من عذابها.
روى البخاري ومسلم عن علي رضي الله عنه قال: كنا في جنازة في بقيع الفرقد،