للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باكين ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى جاوز الوادي. وتقدمت القصة أيضا في الآية ٦٢ فما بعدها من سورة هود المارة، قال تعالى «وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما» من المخلوقات الأخرى من نام وجامد «إِلَّا بِالْحَقِّ» لا عبثا ولا باطلا ولا لهوا بل للاعتبار والتفكر ليصدق المؤمن ويجحد الكافر، فيثاب الأول ويعذب الثاني يوم الجزاء المعين لإبادتها «وَإِنَّ السَّاعَةَ» التي يكون فيها خرابها «لَآتِيَةٌ» حقا لا محالة، فيا أكرم الرسل تحمل أذى قومك في هذه الدنيا الفانية، ولا تستعجل عذابهم فهو آتيهم حتما، وإن كل ما يلبثون فيها فهو قليل «فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ٨٥» أي أعرض عنهم مع الحلم عليهم والصبر على أذاهم والإغضاء مع العفو عن مساوئهم معك، وما ذكره بعض المفسرين بأن هذه الآية منسوخة بآية السيف لا وجه له، لأنها عبارة عن أن الله تعالى أمر نبيه صلّى الله عليه وسلم بأن يعامل قومه بالعفو والصفح الخاليين من الجزع والخوف وأن يظهر لهم مكارم أخلاقه الحسنة، وهذه المعاملات اللينة تكون مقدمة للمعاملات القسرية عادة عند اصرار المفترح لهم على كفرهم فأي نسخ فيها رعاك الله، راجع معنى الجميل في في الآية ٨٥ من سورة يوسف المارة «إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ٨٦» بك وبهم فلا يخفى عليه ما يجري بينك وبينهم، لأنه خلق الخلق وعلم ما هم عليه وما هم فاعلون إلى يوم القيامة، قال تعالى (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ) الآية ١٤ من سورة الملك الآتية، وهذه الآية المدنية من هذه السورة، قال تعالى «وَلَقَدْ آتَيْناكَ» يا سيد الرسل «سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي» قبل هي الحواميم السبع، وقيل الصحف السبعة التي أنزلت على الأنبياء قبله، وقيل الأمر والنهي والبشارة والنذارة والأمثال والأخبار وتعداد النعم، والذي عليه أكثر المفسرين هو آيات سورة الفاتحة السبع كما أشرنا إليه في تفسيرها في ج ١ «وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ٨٧» المشتمل عليها بدليل ما رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد بن المعلى قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم الحمد لله رب العالمين هي السبع الثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيه، وبه قال عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وأبو هريرة والحسن وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة وعطاء، وناهيك بهم قدوة. هذا وإن السبب في تسميتها سبعا لأنها سبع

<<  <  ج: ص:  >  >>