عليه من آلات ومعادن واحتياجه إلى المعونة، والله تعالى يقول للشيء كن فيكون حالا إذا أراده بين الكاف والنون، أنظر بساط سليمان عليه السلام المشار إليه في الآية ١٢ من سورة سبأ الآتية، وسفينة نوح عليه السلام الملمع إليها في الآية ٤١ من سورة هود المارة وقس بينهما وبين طائراتنا ومراكبنا وخذ العبرة، فإن البساط يطير والسفينة تجري بمجرد قولهما بسم الله وينزل البساط وترسو السفينة بمجرد قولهما باسم الله أيضا دون حاجة إلى رجال وآلات وزيت وكاز وغيرها، ومصنوعات البشر تحتاج لذلك كله فضلا عن أنها معرضة للخراب وهلاك ركابها، وصنع الله لا يخرب وأهلها في مأمن من ذلك «ثُمَّ قَضى أَجَلًا» لكل شيء خلقه من وقت بروزه وتكوينه، أي وقت ولادته ووجوده ومن الولادة والوجود إلى وقت الموت والفناء «وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ» قضاء أيضا لهذه المخلوقات غير الأجلين المذكورين وهو من الموت والفناء إلى البعث والنشور، ومنهما إلى دخول الجنة والنار، فيكون لكل أجلان في الدنيا والآخرة لا يعلم مقدارهما ووقتهما إلا هو، لأنه من جملة الخمسة التي اختص بها نفسه المقدسة المذكورة آخر سورة لقمان الآتية، قال ابن عباس رضي عنهما في تفسير هذه الآية: لكل أحد أجلان (يريد في الدنيا والآخرة كما جرينا عليه) فإن كان برا تقيا وصولا للرحم زيد له من أجل البعث إلى أجل العمر أي في الدنيا، وإن كان فاجرا قاطعا للرحم نقص له من أجل العمر وزيد في أجل البعث، مستدلا بقوله تعالى (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ) الآية ٧ من سورة فاطر المارة في ج ١، ولهذا البحث صلة في الآية ٣٩ من سورة الرعد في ج ٣، وفي الآية ٤ من سورة نوح، والآية ٩ من سورة إبراهيم الآتيتين، وبهذا قال قتادة والحسن والضحاك، وقال مجاهد وسعيد بن جبير: الأول أجل الدنيا والثاني أجل الآخرة، أي بقطع النظر عن أجل البرزخ لدخوله في أجل الآخرة، والظاهر هو ما جرينا
عليه في تفسير الآية، ومعنى قضى قدر وحكم وكتب في الأزل، ويراد بالكتابة ما تعلمه الملائكة، كما جاء في حديث الصحيحين: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح