وجوب الزكاة في جميع حواصل الزروع مما يكال أو يوزن ومن الفواكه التي تدخر فقط، فإذا كانت تسقى بالسيح أو المطر أو الندى من كل ما يسمى بعلا فقيه العشر، وإذا كانت تسقى بساقية أو نضح من كل ما كان بواسطة الإنسان أو الحيوان والآلات مثل المضخة والدولاب والغراف وغيرها فنصف العشر من كل ما بلغ النصاب وهو خمسة أوسق عبارة عن ثلاثمائة صاع، لأن الوسق ستون صاعا والصاع أربعة أمداد فتكون ألفا ومئتي مد، والمد رطل وثلث بالوزن العراقي والرطل مائة وثلاثون درهما، وقيل مئة وثمان وعشرون درهما وثلث الدرهم، فيكون القدر الذي تجب فيه الزكاة على الضبط خمسمائة حقه وعشر حقق، كل حقة أربعمائة درهم، وهذا ما يسمونه الآن قنطاران في بلاد سورية الشمالية، لأن رطلهم حقتان ونصف وسبعة عشر درهما، والقنطار مئة رطل، هذا وما قيل إن هذه الآية مكية وإنها منسوخة بآية الزكاة ٢٦٧ من سورة البقرة في ج ٣، وإن الأمر فيها للندب وإن المراد بالحق هنا صدقة التطوع فقيل أضعف من قيل لا عبرة به لأن الآية مدنية وإن صرف اللفظ على حقيقته للواجب أولى من صرفه على المجاز للندب والله أعلم «وَلا تُسْرِفُوا» أيها الناس فتتجاوزوا الحد، فتبخلوا فلا تؤدوا حق الله كاملا طلبا لترضية عيالكم وتتركوا عيال الله وتبخسوهم حقهم الذي فرضه الله لهم وهم لم يأخذوه منكم إلا بأمر الله، فيكون في الحقيقة الآخذ للزكاة هو الله الذي من عليكم وأهلكم للصدقة وكذلك لا تكثروا بأن تعطوا زيادة على الواجب أو على قدرتكم طلبا للشهرة والصيت لأن فيه ضياع المال والحرمان من الأجر والندامة فيما بعد، ولهذا عد إسرافا، قال تعالى:(وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) الآية ٢٩ من سورة الإسراء، وقال تعالى (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا) الآية ٦٧ من الفرقان في ج ١ فراجعها واعلم «إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ١٤١» وكل شيء لا يحبه الله لا خير فيه، وسبب نزول هذه الآية أن ثابت بن قيس بن شماس صرم خمسمائة نخلة في يوم واحد وفرقها كلها ولم يترك لأهله شيئا، وهذا مما يؤيد أن الآية مدنية لأن الرجل من أهل المدينة والنخل فيها، قال تعالى «وَمِنَ الْأَنْعامِ» أنشأ لكم أيها