لدينه المفارق للجماعة. «ذلِكُمْ» ما ذكر من التكاليف الخمسة المارة الذكر «وَصَّاكُمْ بِهِ» بالكتب المنزلة قبلا على لسان الرسل السالفة ربكم الجبار المنتقم وأكده الآن لكمال أهمية هذه الوصية فحافظوا عليها أيها الناس «لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ١٥١» فوائدها وتعون منافعها فتستعملون عقولكم بكف نفوسكم وحبس شهواتكم عن مباشرة شيء منها وأجيبوا دعوة ربكم بالمحافظة عليها لتفوزوا برضائه وتدخلوا جنته، والمحرم السادس هو أكل مال اليتيم لقوله تعالى «وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»
له إذ لا يجوز في حال من الأحوال قربان ماله إلا في حالة واحدة وهي ما يكون له فيها الحظ والنفع كحفظه وتنميته وإصلاحه والمداومة على ذلك «حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ»
راشدا، لأن مطلق البلوغ لا يكفي بل يشترط الرشد معه فادفعوه إليه كاملا مع ربحه يعمل هو برأيه فيه، أما إذا بلغ سفيها فيبقى المال بيد الولي أو الوصي راجع الآيتين ٥ و ٦ من سورة النساء في ج ٣ والآية ٣٤ من سورة الإسراء في ج ١ تقف على التفاصيل المتعلقة بهذا، وإذا كان قربانه منهي عنه فكيف بأكله أجارنا الله منه، والمحرم السابع نقص الكيل والميزان لقوله تعالى «وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ»
بالحق العدل، والأمر بالإيفاء يتضمن النهي عن التطفيف والتنقيص ومعنى القسط يؤذن بعدم الزيادة كما يحرم القص، واعلم أن الوفاء فيها من كرم الإنسان ومروءته التي يحمد عليها عند الله والناس، ومن جملة الوصايا العشر المذكورة في التوراة
والملمح إليها في الإنجيل بلفظ لا تسرق لأن نقص الكيل وتطفيف الوزن سرقة فيكونان داخلين فيها وإذا كان هذا النقص منهى عنه فالسرقة من باب أولى كيف وقد جعل الله حدها قطع اليد راجع الآية ٣٨ من سورة المائدة ج ٣، وقال تعال في عدم الحرج «لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها»
طاقتها لأن الوسع هو الطاقة وهو عندنا بذل الإنسان جهده في عدم قربان شيء من المحرمات ولهذا لم يأمر الله بالزيادة لما فيها من الحرج على البائع ونهى عن النقص لما فيه من الظلم على المشتري والضيق لحاجته، فأمر الله تعالى ببلوغ الوسع في ذلك، وما وراء الوسع عفو مع لزوم الضمان لأن للجائع الذي لا يجد شيئا وقد أشرف على الهلاك، أكل مال غيره