من سورة الإسراء من ٢٣ إلى ٣٨ وما قبلها وما بعدها والآيات العشر من سورة الفرقان من ١٦٥ إلى ١٧٥ المارة في ج ١ من الأوامر والنواهي، والأحكام الشرعية داخلة في هذه الآية العظيمة ومؤذنة بان كل ما بينه الرسول الأعظم هو من دين الله القويم الواجب اتباعه. ثم أكد الأمر بسلوكه والنهي عن الانحراف عنه بقوله «وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ» الطريقات الصغار المتشعبات عن الطريق العام والجادة المسلوكة، المختلفة يمينا وشمالا، المكنّى فيها عن اتباع الأهواء الفاسدة والبدع المضلة وشهوات النفوس الخبيثة وزخارف الدنيا الدّنية التي تؤدي بصاحبها إلى الهلاك لأنها توصل المعقود، وغايتها الضياع ونهايتها التلف كما كنّ عن الطريق المستقيم باتباع الدين الحق والمنهج الصدق الواضح المؤدي بصاحبه إلى النجاة بايصاله لمقصوده ونهايته الفوز بالمطلوب وإنما نهى الله تعالى عن اتباع السبل (نيات الطريق) لأن في اتباعها البعد عن الله ورسوله المنوه عنه بقوله «فَتَفَرَّقَ بِكُمْ» أيها المتبعون لها «عَنْ سَبِيلِهِ» السوي وتميل بكم إلى الدمار «ذلِكُمْ» المذكور في الوصايا التي وصى الله بها أسلافكم بواسطة أنبيائهم من آدم إلى محمد عليهم الصلاة والسلام وأوجب عليكم العمل بها «وَصَّاكُمْ بِهِ» الآن فعضوا عليها
بالنواجذ وتمسكوا بوصية ربكم «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ١٥٣» طرق الهلاك ومواقع الضّلال وتصلون إلى بغيتكم في الدنيا والآخرة روى البغوي بسنده عن ابن مسعود قال خط لنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم خطا ثم قال هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وشماله فقال هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو اليه وقرأ هذه الآية، هذا وإنه تعالى ضرب مثلا في هذه الآية لدينه القويم الناصع بطريق عام معبد مار بالبيداء يوصل من يسلكه إلى البلد الذي يريده فاذا سلكه أوصله الى قصده بأمن وسلام وللأديان المعوجة الباطلة بطرق صغار متشعبة عن يمين وشمال الطريق السوي الضاربة في الصحاري لا يعلم مداها، ولا يعرف منتهاها، فإذا ترك الرجل ذلك الطريق المستقيم وسلك هذه الطرق تاه وتحير ووقع في حيص بيص فلا يزال يتخبط فيها حتى يهلك جوعا وعطشا وليعلم أن هذه الآيات مذكورة في الكتب السماوية كلها المنزلة على الرسل كما أشرنا إلى هذا قبل والوصايا العشر المذكورة في التوراة والإنجيل داخلة فيها