شعلة نارية يخلقها الله تبارك وتعالى من قذف شعاع الكواكب عند وصوله إلى محل مخصوص من الجو بما أودعه الله فيه من الخاصية التي لا نعلمها (وسيأتي لهذا البحث صلة في الآية ١٠٢ من هذه السورة) فيشتعل وتأثيرا لأشعة الحرق فيما هو قابل له من الأشعة لا ينكر، ألا ترى أن شعاع الشمس إذا قوبل ببعض المناظر على كيفية مخصوصة أحرق ما هو مقابل له ممّا هو قابل للاحتراق، ولو توسط بين المنظرة وبين قابل الاحتراق إناء بلور مملوء ماء. وعليه فإن الله تعالى يصرف تلك الأشعة المستحيلة نارا والتي تشاهد كحبل أو رمح من نار سريع الحركة إلى الشيطان الذي يسترق السمع فيحرقه، وقد يحدث ذلك ولو لم يوجد ثمة مسترق أيضا، والله على كل شيء قدير. وقدمنا ما يتعلق في هذا البحث في الآية ١٧ من سورة الحجر المارة وفيها ما يرشدك إلى المواضع الأخرى مما يتعلق في هذا البحث فراجعها، قال تعالى «بَلْ عَجِبْتَ» بفتح التاء خطاب لسيد المخاطبين أي عجبت من تكذيبهم لك وإنكارهم رسالتك وجحودهم ما أنزلناه عليك وعظمة منزله على القراءة المشهورة في المصاحف المناسبة لسياق ما قبلها وسياق ما بعدها وقرأ بعضهم بضم التاء على إسناد التعجب إلى الله والتعجب من الله يحمل على تعظيم الشيء المتعجب منه، فإن كان قبيحا ترتب عليه العقاب الشديد، وإن كان حسنا ترتب عليه الرضاء الكثير، وقد يكون منه تعالى على وجه الاستحسان أيضا، فقد جاء في الحديث: عجب ربكم من شاب ليست له صبوة. وفي حديث آخر: عجب ربكم من ألّكم بتشديد اللام وضم الكاف (ومعناه القنوط الشديد ورفع الصوت بالبكاء) وقنوطكم وسرعة إجابته إياكم. وقال الجنيد: إن الله تعالى لا يتعجب من شيء ولكن وافق رسوله، أما العجب من الناس فيحمل على إنكار الشيء ويكون معناه روعة تعتري الإنسان عند رؤية ما يستعظمه، أي أن الله ورسوله يعجبان من عدم اكتراثهم بذلك «وَ» الحال أنهم «يَسْخَرُونَ ١٢» به وبمنزله ومن أنزل عليه لغاية جهلهم بحقيقة الأمر وكنه ما اشتمل عليه «وَإِذا ذُكِّرُوا» هؤلاء الساخرون «لا يَذْكُرُونَ ١٣» الله ولا يتعظون بما نصب لهم من الآيات والأدلة على وحدانية الله، ولا ينتفعون بتذكيرك لهم، لأن دأبهم عدم الاتعاظ والانتفاع