توغلوا فيهم حتى ألهتهم عن عبادة الله، فكأنهم عبدوها أيضا من دونه، والواو في قوله (وَما) واو المعية أي احشروهم مع معبوديهم «فَاهْدُوهُمْ» دلوهم تقول هديته هدى إذا كان لأمر الدين وهداية إذا كان إلى الطريق كما هنا «إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ ٢٣» طريق جهنم لأنه اسم من أسمائها ليحاسبوا هناك قريبا منها بدليل قوله «وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ٢٤» عن أعمالهم وإنما كان حساب هذه الطائفة قريبا من جهنم لزيادة عذابهم، إذ لو كان القصد من قوله اهدوهم أدخلوهم جهنم رأسا كما ذكره بعض المفسرين لما أمر بتوقيفهم لأجل السؤال، لأن التوقيف يكون أولا ثم الاستنطاق ثم المحكمة ثم القضاء ثم الحبس وكل بحسب جرمه فتقدر مدة حبس العاصي وتخليد الكافر فيها، ويبرأ البريء، ومن هنا أخذ أهل الدنيا هذه الأحوال، لأن الله تعالى ضرب لهم الأمثال مما كان من جنسها في الآخرة في الكتب القديمة وفي هذا القرآن، وهي معلومة عنده قبل وقوعها، ولهذا سماهم الله تعالى في الآية الآتية مجرمين لأن المجرم من يستحق العقاب لأنه أولا يكون مدعى عليه ثم ظنينا إذا ظهرت عليه أمارة الجرم، ثم متهما إذا تراكمت عليه الأدلة، ثم مجرما إذا تحقق عليه الفعلة، ثم يحكم فيسمى محكوما والتوقيف يكون قبل الاستنطاق إذا كان هناك تحقيقات أولية، وهي صحف الملائكة الحفظة مثلها بلا تشبيه ضبوط الدرك والشرطة، فإنه يوقف بموجبها ثم يجري استنطاقه أحيانا أخرج الترمذي عن أبي بردة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن علمه ماذا عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه، وفي رواية وعن شبابه فيم أبلاه. وله عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من داع دعي إلى شيء إلا كان موقوفا يوم القيامة لازما له لا يفارقه، وإن دعى رجل رجلا، ثم قرأ:(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) ثم تقول لهم خزنة الجحيم بعد إدخالهم فيها توبيخا وتقريعا «ما لَكُمْ» أي شيء جرى لكم اليوم أيها الكفرة العتاة لم «لا تَناصَرُونَ ٢٥» لبعضكم كما كنتم في الدنيا تتناصرون على الباطل ولا تفعلون بين إخوانكم وقومكم بالحق بل تنتصرون لقريبكم مهما كان مبطلا قبل أن تقفوا على الحقيقة، ثم يقول