للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسل «فَبَشِّرْ عِبادِ ١٧» ثم خصّهم بقوله «الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ» مطلق عام في كل قول ولا وجه لتخصيصه بالقرآن العظيم كما ذكره بعض المفسرين بلا دليل يستند إليه «فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ» مدحهم الله جلّ مدحه لتمييزهم بين الحسن والأحسن والفاضل والأفضل فإذا اعترضهم ما هو واجب فعله وما هو مندوب اختاروا الواجب، وإذا اعترضهم مكروه ومباح اختاروا المباح، وكذلك يختارون ما هو أكثر ثوابا، فيتركون الانتقام لأنفسهم ممن ظلمهم مع القدرة عليه ويركنون للعفو عمن تعدى عليهم مطلقا، ويختارون العفو على القصاص، ويميلون إلى التصدق بالفضل عن الصدقة المفروضة، وهكذا يميلون إلى الأحسن عند الله ولو فيه هضم حقهم. وليعلم أن ما أمر الله به ورسله كله حسن وقد يكون فيه أحسن بحسب التفاضل بالعمل به من حيث كثرة الثواب وإذلال النفس كما في العفو عن القصاص والتصدق بالفضل وتكرار الحج والإكثار من صلاة النّفل وذكر الله والأخذ بالعزيمة وترك الرخص وما أشبه ذلك راجع الآية ١٤٥ من سورة الأعراف في ج ١ تجد ما يتعلق في هذا، وما هو موافق لشرعنا من الشرائع القديمة، وما هو مخالف له، وله صلة في الآية ٤٢ من سورة الشورى الآتية وفي الآية ٥٥ من هذه السورة أيضا. هذا، وما قاله ابن عباس رضي الله عنهما من أن هذه الآية نزلت في عثمان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد حينما جاءوا على أبي بكر رضي الله عنهم جميعا وأخبرهم بإيمانه وآمنوا كلهم لا يخصصها فيهم بل هي عامة في كل محتسب تائب نائب إلى ربه. واعلم أن هؤلاء السبعة والسادة عمر وعلي وعامر بن الجراح هم العشرة المبشرون بالجنة الفائزون بخير الدنيا والآخرة، وقد سألت الله أن يحشرني مع سعد بن أبي وقاص عند تفسير الآية ١٤ من سورة لقمان المارة والآن أوكد رجائي من ربي بذلك «أُولئِكَ» الموصوفون هم «الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ» إلى طريقه المستقيم فوحدوه وعبدوه ومجدوه كما ينبغي لذاته المقدسة «وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ ١٨» القلوب الواعية المنتفعون بعقولهم، قال تعالى «أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ» بنص قوله تعالى (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ) الآية ١٢٠ من سورة هود المارة وقوله في الحديث

القدسي:

<<  <  ج: ص:  >  >>