السالك لطريقهم إذا كمل رسخ وقوي قلبه ولم يصدر منه شيء من ذلك، ويقولون ليس في هذه الآية وشبهها أكثر من اثبات الاقشعرار واللين وليس فيها نفي اعترائهم حالة أخرى، بل في الآيات إشعار بأن المذكور فيها حال الراسخين الكاملين لقوله تعالى (يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) فعبر بالموصول ومقتضى معلومية الصلة أن لهم رسوخا في الخشية.
وفي كلام ابن سيرين ما يؤيد ذلك ومن حمل الأمر على غير الكاملين أجاز وقوعه من غيرهم ومتى ما كان الأمر ضروريا فلا اعتراض على من يتصف به وإنا نرى وقوع هذا كله من بعض المريدين لا منهم كلهم ولم نر هكذا أحوالا من مشايخهم بما يدل على أن الوصول لدرجة الكمال تحول دون ذلك أما ما يقع من بعض المتصوفة رياء وسمعة باختياره وقصده فذلك هو الذي تعوذت منه أسماء رضي الله عنها وقال فيهم قتادة وابن جبير وغيره ما قالوه آنفا، وقدمنا في الآية ٤٣ من سورة المزمل ج ١ ما يتعلق بها فراجعه، وله صلة في الآية ٣١ من سورة الرعد في ج ٣ وفي مراجعة هذا وذاك تعلم أن الصعق له أصل صحيح في الشرع فسلم له وإياك أن تعترض على هؤلاء السادة فإن لحومهم مسمومة والله تعالى ينتصر لهم لأنهم أولياؤه، وقد جاء في الحديث القدسي عن النبي صلّى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال:
من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وإن الله جلت عظمته لم يطلب محاربة أحد من عباده عدا صنفين هؤلاء وأكلة الربى إذ يقول جل قوله (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ) الآية ٢٨٠ من سورة البقرة في ج ٣. هذا وقد يكون من هؤلاء السادة من لا ناصر له إلا الله وقد حذر حضرة الرسول من ظلم من لا ناصر له، وروي عنه أنه قال: اشتد غضب الله على من ظلم من لا يجد ناصرا غير الله، وروى الطبراني في الكبير والضياء في المختار وابن أبي عاصم والخرائطي في مساوئ الأخلاق أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام يقول الله وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين «ذلِكَ» الحديث الحسن هو «هُدَى اللَّهِ» وقرآنه المنزل على رسوله من اللوح المحفوظ وكلامه الأزلي «يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ» هدايته إلى دينه القويم «وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ» من قساة القلوب «فَما لَهُ مِنْ هادٍ ٢٣» يهديه البتة، قال تعالى «أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ