للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحج ومريم والعلق والأعراف والرعد، وتكون آيتين كهذه، وسجدة ص، وتكون ثلاث آيات كالنمل والنحل والإسراء، وعلى هذا لا يكون السجود إلا عند ختام الآية الأولى بل عند تمام الثانية في فصّلت هذه وص، وعند تمام الثالثة في النمل والنحل والإسراء، وهذه السجدة من عزائم السجود، وقدمنا ما يتعلق فيها في الآية ٤٥ من سورة ص في ج ١، وفيها ما يرشدك لما تتمناه. قال تعالى «وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً» متكامنة من شدة التبيس مغبّرة وعليها آثار الذل بسبب ذواء نبلتها «فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ» تمايل نباتها وتحرك بمرور الرياح عليه «وَرَبَتْ» فاشت وانتفخت ولانت، ونظير هذه الآية الآية من سورة الحج في ج ٣ مع اختلاف في بعض الكلمات، فقل يا أكرم الرسل لهؤلاء المنكرين إعادة الأجسام من قومك «إِنَّ الَّذِي أَحْياها» بعد يبسها المشابه للموت في الإنسان «لَمُحْيِ الْمَوْتى» من البشر وغيرهم مرة ثانية كما خلقهم أول مرة وهو أهون عليه «إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ٣٩ لا يعجزه شيء وليس عليه شيء بأهون من غيره. قال تعالى «إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا» وينحرفون عن تأويلها فيميلون عن الحق المبشرة به إلى الباطل الذي يريدونه على حد قوله تعالى (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) الآية ٤٥ من المائدة في ج ٣، وهي مكررة في القرآن لفظا ومعنى. واعلم يا سيد الرسل أن هؤلاء «لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا» لأنا نراهم ونرى ما يعملون، وفي هذه الجملة تهديد كبير بعظيم مجازاتهم «أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ» هذا تمثيل للكافر على الإطلاق «خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً» من العذاب «يَوْمَ الْقِيامَةِ» وهذا تمثيل للمؤمن مطلقا أيضا، وما قيل إن هذه الآية نزلت في أبي جهل وحضرة الرسول، أو في أبي بكر أو عمار بن ياسر أو عمر أو عثمان أو حمزة على اختلاف الأقوال في ذلك، وفرض صحة هذا السبب لا يقيدها عن عمومها ولا يخصصها عن إطلاقها، لأن العبرة دائما لعموم اللفظ لا لخصوص السبب. ثم ذكر تعالى ما هو غاية في التخويف والتهديد والوعيد لأولئك الملحدين بقوله عز قوله «اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ» أن تعملوه أيها الكفرة «إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» ٤٠ والبصير بالشيء يعلمه ويعلم ما يستحقه

<<  <  ج: ص:  >  >>