للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأحكام ليجري عليه الناس «وَالْمِيزانَ» آلة العدل، لأن المراد به والله أعلم نفس العدل والإنصاف والتسوية بين الناس، أنزله أيضا وأمر خلقه فيه ليتحلوا به فيستقيم أمرهم ويعدلوا فيما بينهم. راجع رسالة القسطاس المستقيم للإمام الغزالي رحمه الله تجد أن المراد بالميزان ما ذكرته، لأنه يقول في قوله تعالى (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ) الآية ٧ من سورة الرحمن في ج ٣، إن هذا الميزان الذي قابله الله بالسماء لا يتصور أنه الذي يزن به الناس الخس والبصل مثلا، بل إنما هو العدل الذي به قوام الدنيا والآخرة إلخ، ما جاء فيها. «وَما يُدْرِيكَ» يا سيد الرسل «لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ» ١٧ حدوثها ولعلّها مظلّة عليك ولا تراها، فعليك أن تأمر الناس باتباع الكتاب وإجراء العدل بينهم قبل أن يفاجئهم الأجل وقبل حلول يوم وزن العمل الذي يظهر فيه الرابح في هذه الدنيا من الخاصر.

واعلم انما «يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها» استعجال إنكار واستهزاء فيقولون لك لما تخوفهم بها متى هي، ليتها تأتي الآن حتى يظهر لنا الذي نحن عليه حق أم أنت وأصحابك. وذلك لجهلهم بها وبعظمة الله «وَالَّذِينَ آمَنُوا» بها وصدقوا بوجودها «مُشْفِقُونَ» خائفون وجلون «مِنْها» لعلمهم بحقيقتها وحقيقة ما فيها من الأهوال «وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ» الكائن لا محالة فانتبهوا أيها؟؟؟

«أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ» يجادلون «فِي السَّاعَةِ» ويخاصمون بوجودها جهلا ويشكون بحقيقتها «لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ» ١٨ عن الصواب، لأن البعث بعد الموت أقرب الغائبات بالمحسوسات، لأنه يعلم من إحياء الأرض بعد موتها وغيره من الأدلة العقلية فضلا عن السمعية «اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ» كثير الإحسان إليهم جليل النعم عليهم بالغ البرّ بهم «يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ» من كل نام بحسبه وبقدر ما يكفيه «وَهُوَ الْقَوِيُّ» باهر القوة على كل شيء «الْعَزِيزُ» ١٩ الغالب على كل شيء المنيع الذي لا يدافع ولا يرافع «مَنْ كانَ» منكم أيها الناس «يُرِيدُ» بأعماله وكسبه «حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ» من واحد إلى عشرة إلى سبعمئة إلى ما لا نهاية والله كثير الخير جليل العطاء واسع الفضل «وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا» مؤثرا لها على الآخرة فإنا أيضا «نُؤْتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>