من اليهود معه بغاية الإكرام، فصادفه بالطريق نفر من هذيل وقالوا له ندلك على بيت فيه كنز من لؤلؤ وزبرجد وفضة، قال ما هو؟ قالوا له مكة وأرادوا بذلك إهلاكه لأن مكة لا يقصدها أحد بسوء إلا أهلكه الله كما هو متعارف بينهم، فاستدعى الحبرين واستشارهما في ذلك، فقالا له لا تفعل، لأن هؤلاء لم يريدوا نصحك وإنما أرادوا قتلك لأن هذا البيت لا يناوئه أحد إلا هلك فاتخذه مسجدا وانسك عنده وانحر واحلق رأسك وأكرمه واصنع عنده ما يصنعه أهله، فقال أفعل وأخذ النفر من هذيل وقطع أيديهم وسمر أعينهم ثم صلبهم ودخل مكة فنزل الشعب الطامح ونحر فيه ستة آلاف بدنه وكسا البيت بالوصائل وهي برود تصنع باليمن وهو أول من كساه كما أن أول من سمي تبعا أول ملوك اليمن، وأقام فيه ستة أيام، وطاف وحلق، وانصرف، فلما دنا من اليمن حال من فيها من قومه بينه وبين دخوله، لأنه ترك دينهم، فخطب فيهم ودعاهم إلى الإيمان بالله وحده وهو خير من دينهم، لأنهم عبدة أوثان، فطلبوا منه أن يتحاكموا إلى النار التي هي أسفل جبل عندهم ومن شأنها أن تحرق الظالم ولا تضر المظلوم، فوافقهم على ذلك، فخرجوا بأوثانهم وما يتقربون به إليها في دينهم، وخرج هو والحبران وما معهما من الكتب في أعناقهما، وقعد الفريقان عند مخرج النار، فخرجت وغشيتهم، فأكلت الأوثان وما قربوه لها معها، والرجال
الذين كانوا يحملون القرابين، وخرج الحبران يتلوان التوراة، ونكصت النار حتى رجعت إلى المحل الذي خرجت منه فأعلن تبع إيمانه بالله وأصر قومه على الكفر، فذمهم الله «وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم الكافرة وأخبر عن مصيرهم بقوله جل قوله «أَهْلَكْناهُمْ» بكفرهم وعدم انقيادهم للإيمان كما أهلكنا قوم تبع هؤلاء بسبب عنادهم. قالوا وكان هذان ومن معهم أصل اليهود في اليمن، وان تبعا آمن بمحمد حسب إخبارهما له عنه قبل مبعثه وولادته، وكان بينه وبين مبعثه سبعمئة سنة، ومما نسب لتبع هذا قوله: