والروم ولا يعبدون الله، فاستوى جالسا، ثم قال أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟
أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا، فقلت استغفر لي يا رسول الله.
طلب المغفرة رضي الله عنه إذ فهم من كلام صاحبه صلّى الله عليه وسلم أن طلبه ذلك مما لا ينبغي أن يقع من مثله وظن أنه أخطأ باقتراحه ذلك، غفر الله له ورضي عنه يخاف من مثل هذا وهو مبشر بالجنة، فكيف بنا أيها الناس؟ نسألك اللهم العفو والعافية والرضاء، ولنذكر نبذة مما كان عليه حضرة الرسول لعلنا نتعظ ونقنع بما عندنا رزقنا الله القناعة بالدنيا والشفاعة بالآخرة. روى البخاري ومسلم عن عائشة قالت:
ما شبع آل محمد من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
ورويا عنها قالت: كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه نارا إنما هو (غذاؤنا) الأسودان التمر والماء إلا أن نؤتى باللحم، أي من قبل الغير. وروى البخاري عن أبي هريرة قال:
لقد رأيت سبعين من أصحاب الصفة ما منهم رجل عليه رداء إما إزار أو كساء قد ربطوا في أعناقهم، فمنها ما يبلغ نصف الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين، فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته. وروى البخاري عن ابراهيم بن عبد الرحمن أن عبد الرحمن بن عوف أتي بطعام وكان صائما فقال: قتل مصعب بن عمير وهو خير مني، فكفن في برده إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطي رجلاه بدا رأسه، قال وأراه قال قتل حمزة وهو خير مني فلم يوجد ما يكفن به إلا برده، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط، وقد خشيت أن تكون عجّلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام. وأخرج الترمذي عن ابن عباس قال:
كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة طاويا وأهله لا يجدون عشاء، وكان أكثر خبزهم خبز الشعير. وقال جابر بن عبد الله: رأى عمر بن الخطاب لحما معلقا في يدي، فقال ما هذا يا جابر. فقلت اشتهيت لحما فاشتريته، فقال أو كلما اشتهيت يا جابر اشتريت أما تخاف هذه الآية (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ) إلخ. وجاء رجل إلى عمر فرآه يأكل في قصعة وآخرين يأكلون في قصعة أخرى، فجلس معه بزعمه أن الذي أمامه أحسن فإذا هي عظام وعصب فقال ما هذا يا أمير المؤمنين؟ قال فما تظن، إنا إذا ذبحنا الجزور بعثنا بمطايبها إلى آل محمد صلّى الله عليه وسلم، والذي يليه إلى