بالرومية والحبشية، راجع الآية ١٨٢ من سورة الشعراء في ج ١، ويطلق على ربوة الجنة «خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا» ١٠٨ إلى غيرها، وما قيل إن كلمة الفردوس لم تسمع في كلام العرب إلا من حسان بعد الإسلام لقوله:
وإن ثواب الله كل موحد ... جنان من الفردوس فيها يخلد
لا يصح، لأن أمية بن الصلت قبل الإسلام سبقه بذلك بقوله:
كانت منازلهم إذ ذاك ظاهرة ... فيها الفراديس ثم القوم والبصل
وقال جرير يمدح خالد بن عبد الله القسري:
وإنا لنرجو أن نرافق رفقة ... يكونون في الفردوس أول وارد
ومن سمع قبل الإسلام من الجاهليين كثير أيضا. وهذه الكلمة مكررة في القرآن في الآية ١١ من سورة المؤمنين الآتية فقط، أخرج البخاري ومسلم وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن، ومنها تفجر أنهار الجنة. فلو لم تكن العرب تعلم هذه اللفظة لما ذكرهم حضرة الرسول بطلبها، وتفيد هذه الآية أن الجنات غير الفردوس لإضافتها إليه، وهو كذلك، قال أبو حبان إن جنات الفردوس بساتين حول الفردوس، ولهذا يندفع ما يقال إن الآية تفيد أن كل المؤمنين في الفردوس، مع أن درجاتهم متفاوتة، ولا يعارض الحديث السابق ما رواه أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم: إذا صليتم علي فاسألوا الله تعالى لي الوسيلة أعلى درجة في الجنة لا ينالها إلا رجل واحد، وأرجو أن أكون أنا، إذ لا مانع من انقسام الدرجة الواحدة إلى درجات بعضها فوق بعض، وتكون الوسيلة هي أعلى درجات الفردوس التي هي أعلى درجات الجنة، على أن المراد والله أعلم في هذا الحديث علو المكانة لا المكان. قال تعالى «قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي» التي هي في علمه والمقدرة في حكمه «وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً» ١٠٩ مرارا كثيرة لنفد ولم تنفد كلمات الله، وما قيل إن هذه الآية نزلت بالمدينة عند ما قال اليهود إنا أوتينا علم التوراة، فكيف تتلو (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) الآية ٨٥ من الإسراء