للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ»

٢٣ عن عبادته والإنابة لطاعته والانقياد لأمره، وعليه يكون المعنى أن من حق العالم بالسرّ والعلانية أن لا ينكر وحدانيته ولا يستكبر عن عبادته، ويجوز أن تكون بمعنى كسب وفاعله يعود على ما قبله والجملة بعدها محلها النصب على أنها مفعولة لها، وبه قال الزجاج، وقيل لا عاملة وجرم اسمها باعتباره مصدرا مبنيا على الفتح وخبرها الجملة في أن واسمها وخبرها، فتكون مثل لا بدّ من التبديد وهو التفريق، أي لا من بطلان دعوة الجحود والاستكبار عن عبادة الله، لأن بطلانها أمر ظاهر مقطوع به. قال الفراء هذا هو أصل لا جرم لكنه كثر استعماله فصار بمعنى حقا. ومن العرب من لفظها مثل لفظ لا بد بضم الجيم وسكون الراء وفتح الميم، لأن فعل وفعل اخوان كرشد ورشد وعدم وعدم ذكره الكشاف، وهذه اللفظة تؤيد القول باسميتها، وقال الخليل إن جرم مع لا مركب تركيب خمسة عشر وبعد تركيبها صار معناها معنى فعل، وعليه فإن ان وما بعدها يعدها في تأويل مصدر فاعل لها، وقالوا إن لا جرم يعني عن القسم، تقول لا جرم لآتينك، وعليه تكون الجملة بعدها جواب القسم. وفي عموم هذه الآية يدخل كل متكبر سواء عن عبادة ائمه أو على خلقه.

روى مسلم عن ابن مسعود أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة من كبر، فقال رجل يا رسول الله إن الرجل يحبّ أن يكون نوبه حسنا ونعله حسنا؟ قال إن الله جميل يحب الجمال. أي ان هذا من النظافة وهي مطلوبة وليست من الكبر المذموم، والكبر بطر الحق أي جعل الحق باطلا وغمط الناس حقهم أي احتقارهم فلم توهم شيئا وغمص بمعنى غمط، لأن كلّا بمعنى انتقص وازدرى، والتكبر والكبر والاستكبار ألفاظ متقاربة يجوز استعمال بعضها مقام بعض مع فرق بالمعنى، والمفهوم من عدم الحب البغض، لأن من لا يحبه الله يبغضه.

قال تعالى «وَإِذا قِيلَ لَهُمْ» المتكبرين «ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ» على نبيكم «قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ» ٢٤ كما قالوا في الآية ٥ من سورة الفرقان في ج ١، وإنما قالوا وفاهوا بهذا «لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ» لم ينقص منها شيء لأن ثواب ما فعلوه من صلة رحم وإقراء ضيف وغيره وما أصابهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>