للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له أزلا «وَهُوَ الْعَزِيزُ» الغالب على أمره الذي لا يكون في ملكه إلا ما يريد «الْحَكِيمُ» فيمن يضل ويهدي بحسب معدنه وجبلته «وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا» التسع المار ذكرها في الآية ١٢٩ من الأعراف في ج ١، وقلنا له «أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ» بني إسرائيل من بين القبط وأنقذهم «مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ» مر تفسيرها آنفا «وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ» التي أوقعها على الأمم السابقة بعد ما ابتلاهم بنعمه وأظهروا للناس كفرها، والمراد من الأيام هنا الوقائع لأن العرب يعبرون عن الحوادث بأيام فيقولون يوم الفجار وذي قار ويوم قضّه وغيرها، قال عمرو بن كلثوم:

وأيام لنا غور طوال ... عصينا الملك فيها ان ندينا

ونظير هذه الآية بالمعنى الآية ١٤ من سورة الجاثية المارة، «إِنَّ فِي ذلِكَ» التذكير بالوقائع الكائنة على الأمم السالفة «لَآياتٍ» عبر وعظات «لِكُلِّ صَبَّارٍ» على البلاء وعلى الجور والأذى «شَكُورٍ» ٥ لنعم الله وعطائه وهما صفة خيرة الخلق من المؤمنين لأن الإيمان نصفه صبر ونصفه شكر «وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ» أي اذكر يا خاتم الرسل ما قاله أخوك موسى لبني إسرائيل إذ يعدد نعمه عليهم لتقصها على قومك ومقول القول «اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ» عذا بعد أن خلصهم من رق الفراعنة الملمع إليه في الآية ١٢٧ من الأعراف فما بعدها في ج ١، وبعد أن أراهم آيات ربهم في إغراق عدوهم ونجاتهم بآن واحد والآيات التي بعدها كالمن والسلوى والإظلال بالغمام وتفجير الماء وقد كانوا فرعون وآله «يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ» يبغونكم باشده وأشنعه «وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ» يسترقونهم ويستخدمونهم «وَفِي ذلِكُمْ» الحال الذي أجروه معكم «بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ» ٦ لا أعظم منه، لأن قتل الذكور وإبقاء النسوة للاسترقاق غاية في الذل ونهاية في العار، وقيل في المعنى:

ومن أعظم الرزء فيما أرى ... بقاء البنات وموت البنينا

وهذه الواو التي في ويذبحون يسميها القراء الواو الكبيرة، إذ مر قبلها في

<<  <  ج: ص:  >  >>