برسالته إلى إرشاد خلقه لدينه رحمة بهم، ولئلا يقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير «وَما كانَ لَنا» بصفتنا رسل الله «أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ» قوة وبرهان ومعجزة نقسركم بها على اتباعنا والإيمان بنا «إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ» لأنا عاجزون مثلكم، ولولا ما خصنا الله به من الوحي لما فضلناكم بشيء، ولولا أن يرسلنا إليكم لما دعوناكم إلى شيء «وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» ١١ أمثالنا على أن يقدرنا لمجابهة عنادكم وعدائكم «وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ» نحن معاشر الأنبياء، يراجع نظير هذه الآية في المعنى الآية ٢٢ من سورة يس في ج ١، «وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا» التي نسلكها في أمور ديننا الموصل لرضاء الله.
واعلموا أيها الناس أننا عبيد الله ورسله إليكم وقد أمرنا بإنذاركم وإقلاعكم عما أنتم عليه من الكفر وما علينا إلا نصحكم وسنثابر عليه ولو لم تصغوا إلينا «وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا» به من التكذيب والإهانة والاستخفاف، لأنه في سبيل تنفيذنا أمر الله بدعوتكم إلى دينه القويم المؤدي إلى جنات النعيم لا إلى شيء يعود علينا بالنفع المادي ونستمد المعونة منه على ما نريده من إرشادكم «وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ» ١٢ أمثالنا فيما هم سائرون فيه. واعلم أن التوكل في الآية الأولى بقصد إحداثه وفي هذه بقصد التثبت عليه، فلا يعد تكرارا «وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ» لما رأوهم مثابرين على دعوتهم إلى دينهم دين الله الواحد وأنهم أقسموا على الصبر فيما يلاقونه من أذى في سبيل دعوتهم «لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا» بلادنا وقرانا «أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا» كما كنتم قبل ادعائكم النبوة والرسالة، وذلك أنهم كانوا قبل لم يأمروهم بتركها ولم يخالفوهم في شيء مما هم عليه، وإلا فهم نشأوا على التوحيد من حين فصالهم كسائر الأنبياء، وكانوا قبل أمرهم بالدعوة كأنهم منهم «فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ» ١٣ الذين كذبوكم وأمروكم بالعودة إلى دينهم. ونظير هذه الآية الآية ٨٨ من سورة الأعراف المارة في ج ١، «وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ» التي يريدون إخراجكم منها «مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ» الوعيد بإهلاكهم والوعد بإحلالكم محلّهم حق ثابت «لِمَنْ خافَ مَقامِي» الوقوف بين يدي في الآخرة «وَخافَ وَعِيدِ» ١٤ بالعذاب