للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمثالكم «وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ» من الإهلاك والتدمير بسبب إنكارهم البعث «وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ» ٤٥ بأفعالهم وبما فعل بهم لتتعظوا وترجعوا عن غيكم، فأبيتم ولم ينجع بكم إرسال الرسل ولا نصحهم وإرشادهم «وَقَدْ مَكَرُوا» الذين سكنوا مساكن الظالمين «مَكْرَهُمْ» مثل الظالمين المذكورين «وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ» ثابت بعلمه الأزلي قبل إحداثه منهم وقبل خلقهم «وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ» ٤٦ إن هنا وصلية أي وإن كان مكرهم في غاية الشدة ونهاية المتابة، فإنه مبطله في الدنيا ومجازيهم عليه في الآخرة. وتكون إن هنا بمعنى ما، أي ما كان مكرهم لإزالة الجبال، لأن اللام فيه مفتوحة وهي لام كي، ولذلك صارت اللام الأخيرة مفتوحة لنصبها بها، ويجوز أن تكون مخففة من الثقيلة، واللام في لتزول لام التأكيد، أي مكروا ليزيلوا ما هو كالجبال في الثبوت. وقرأ بعضهم بفتح اللام الأولى وضم الثانية على الفاعلية، وتكون فيها إن مخففة من الثقيلة ايضا، واللام للتوكيد. وقرىء بفتح اللامين على لغة من فتح لام كي وهي شاذة. هذا، وما حكي عن علي كرم الله وجهه بأن هذه الآية نزلت في النمروذ لأنه اتخذ أربعة أنسر وشدّ عليهن تابوتا وطرن به إلى السماء ليرى إله إبراهيم عليه السلام، وجعل لحما في خشبات بأعلى التابوت لتراها النسور فتطير إليه لتأكله فتحمل التابوت بسبب ذلك وترتفع به نحو العلو، وبهذه الصورة تمكن من الطيران مع صاحب له، وصار كلما ارتفع سأل صاحبه فيخبره أن السماء كهيأتها والأرض كذلك، ولا زال حتى خبره أن الأرض صارت عبارة عن ظلمة، وصارت الريح بينه وبين الارتفاع، والسماء كهيئتها لم يحس بقرب ما منها، قالوا ونودي أيها الطاغي إلى أين تريد، ثم صار يرمي بقوسه إلى السماء حتى افتتن ورجعت النبل ملطخة بالدم، فلما رأى ذلك قال كفيت رب السماء، فحول الخشبات التي عليها اللحم ونكسها لجهة الأرض، فهبطت النسور لتناوله، ولا زالت تهبط به حتى وصل الأرض بسلامة. قالوا فسمعت الجبال خفيق التابوت والنسور فظنت حدوث أمر في السماء، ففزعت وخافت وكادت تزول عن أماكنها من شدة الهلع فهو حكاية مستبعدة، لا يكاد يصدقها العقل ولا يسلم لها

<<  <  ج: ص:  >  >>