عبارة عن هوى متبع وشيطان مطاع وإعجاب بما تصنعون «قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ» أي الصدق لمقابلة قولهم «أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ» ٥٥ الهازئين في قولك لأنا لم نسمع هذا إلا منك «قالَ» يا قوم إن هذه لا تصلح للعبادة وليست برب ينفع ويضر ويحيي ويميت «بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ» ٥٦ وجازم بقولي لكم بأنها ليست بآلهة لأنها من عملكم والله خلقكم وما تعملون ولست بهازل ولا من شأني اللعب وأريد لكم ما أريد لنفسي «وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ» التي تخوفوني بها ولأفعلن بها فعلا يكيدكم «بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ» ٥٧ من هنا إلى عيدكم، وذلك أن أباه كلفه، وقيل الملك أراده أن يذهب مع قومه إلى العيد، فسار معه ثم ألقى نفسه بأثناء سيره معهم لشدة تفكره وتأثره من صنيعهم على الأرض وقال إني سقيم، راجع قصته في الآية ٨٩ من سورة الصافات والآية ٧٨ من سورة الأنعام المارتين، فتركه أبوه ومضى إلى عبده فرجع إبراهيم إلى بيت الآلهة فوجدها في بهو عظيم، وبمستقبل بابه صنم كبير إلى جنبه أصغر منه، وهكذا بقية الأصنام، ورأى بين أيديهم طعاما وضعوه لتحل عليه بركتها، فيأكلوه بعد رجوعهم من مراسم العيد والتبرك بالأصنام، فقال لهم على طريق السخرية ألا تأكلون؟ فلم يردوا عليه فقال لهم استهزاء بهم ما لكم لا تنطقون؟ فلم يردوا عليه، فطفق يكسرها حتى أتى على آخرها، ووضع الفأس في عنق كبيرهم الذي لم يتعرض إليه كما حكى الله عنه «فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً» قطعا كبيرة وصغيرة، من الجذ الذي هو القطع، قال الشاعر:
بنو المهلب جذ الله دابرهم ... أمسوا رمادا فلا أصل ولا طرف
«إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ» لعابديها لم يتعرض له، وهذا أولى من عود الضمير لنفس الأصنام، إذ لو كان لها كما مشى عليه بعض المفسرين لقال كبيرها ويؤيده أيضا قوله «لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ» ٥٨ فيسألونه عمن كسرها لأنه بقي صحيحا وآلة التكسير في عنقه، قالوا كانت اثنتين وسبعين صنما منها من ذهب ومنها من فضة ومن نحاس وصفر وحديد وخشب وحجر وطين، فلما رجعوا من عيدهم ودخلوا على البهو رأوا ما هالهم «قالُوا» صائحين بلسان واحد «مَنْ فَعَلَ هذا