بكفره، إذ أنه من توابع استعداده في ثبوته غير المجهول، ويشير إلى هذا قوله تعالى (وَما ظَلَمْناهُمْ) الآية ١٠٢ من سورة هود المارة، وقوله صلّى الله عليه وسلم: من وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه. وقد أشار الشافعي رحمة الله إلى بعض هذا في قوله:
خلقت العباد على ما علمت ... ففي العلم يجري الفتى والمسن
هذا وبما أن الأنبياء واقفون على هذا وقد أرشدوا الخلق إليه، فإذا دعوا لأنفسهم أو على أعدائهم كان من قبيل التعريض لا التصريح، لأنهم عالمون أن الكائن كائن في الأزل، وإن ما لم يكن لا يكون أبدا سواء دعوا أو لم يدعوا، سعوا أو لم يسعوا، ولهذا قال إبراهيم عليه السلام: علمه بحالي يغني عن سؤالي، راجع الآية ٧١ المارة، قالوا ولما صعدت دعوته هذه التي هي من إلهام الله وكان قضاء الله الأرلي معلقا على وجودها منه وقد صادقت الزمن المقدر لإنقاذ أيوب مما هو فيه، بعد أن بلغ غايته وطمى نهايته، ناداه مناد من السماء أن ارفع رأسك قد استجيب لك، فاركض الأرض برجلك، فرفسها فنبعت عين ماء فاغتسل منها فشفي مما كان فيه، وعاد عليه جماله أحسن مما كان، وقام صحيحا ورأى أن الله تعالى قد أعطاه مالا وولدا كأحسن ما كان أولا، ومشى وقعد على مكان مشرف، فعنّ لزوجته أن تراه حرصا عليه، فجاءت فلم تر أحدا، فصارت تبكي، فناداها من فوق ما يبكيك يا أمة الله؟ قالت بعلي، قال وهل تعرفينه؟ قالت لا يخفى على أحد وانه في حال صحته أشبه بك، فقال أنا هو، تأمريني أذبح لإبليس، ها إني دعوت الله فردّ علي ما ترين، ثم أمره الله أن يأخذ قبضة من النبات فيها مئة عود فضربها بها تحلة يمينه كما تقدم في الآية ٤٤ من سورة ص المارة في ج ١، ففعل، فرد عليها شبابها. هذا، وما قيل إن أيوب عليه السلام حال مرضه دوّد وألقي على الزبل وغير ذلك من الترهات التي عنها تتحاشى ساحة الأنبياء، فهو كذب لا نصيب له من الصحة، لأن الأنبياء معصومون من العاهات المنفّرة، وإن الذي أصابه هو ما بين الجلد والعظم بحيث لم يظهر عليه ما ينفر الناس عنه، وما قيل من ان النفرة بسبب سلب ما كان عنده من النعم فقد يكون بالنسبة للناس. وما قيل