٨٦ أي إسماعيل وإدريس وذا الكفل. وقد ذكر الله تعالى هؤلاء الأنبياء الممتحنين بأنواع البلاء بسياق قصة أيوب عليهم الصلاة والسلام لأنهم صبروا على ما امتحنوا به كما ذكر في قصصهم. قال تعالى «وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً» من قومه لأجل ربه واسمه يونس واسم الحوت الذي ابتلعه نون فسمي ذا النون وصاحب الحوت «فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ» بفتح أول نقدر وتخفيفه وقرىء بضم أوله وتشديده من التقدير وعلى الأول من القدر وهو التضييق وهي القراءة المشهورة أي ظن أنا لا نضيق عليه بلزوم الإقامة مع قومه، ولذلك تركهم وذهب، راجع قصته في الآية ١٢٣ من الصافات المارة أيضا، «فَنادى فِي الظُّلُماتِ» ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت «أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ» ٨٧ بمفارقتي قومي دون أمرك، فلا تؤاخذني يا رب على ما وقع مني، ولم يقل نجني أو خلّصني أو غير ذلك لما مر آنفا من أن الأنبياء يفوضون أمرهم لربهم «فَاسْتَجَبْنا لَهُ» لأن قوله هذا تعريض لدعائنا وتنويه بالالتجاء إلينا «وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ» الذي لحقه في بطن الحوت «وَكَذلِكَ» مثل هذه الإجابة «نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ» ٨٨ بنا مما يهمهم، ولا يوجد في هذه الآية بما يتمسك به من قال بوقوع الذنب من الأنبياء بعد رسالتهم، لأنه عليه السلام لم يذهب مغاضبا من ربه كما قاله بعضهم، حاشاه، وإنما ذهب مغاضبا من قومه لأجل ربه، وإن ظنّه بعدم التضييق عليه لوثوقه بربه، ولأنه لم يظن أنه أذنب معه بترك قومه، بل كان يظن أنه مخير بين الإقامة معهم والخروج من بينهم عند عدم قبولهم دعوته، لذلك فإن فعله هذا لا يستوجب الذنب لو كان من سائر البشر، أو أن ظنه أن الله لم يقدر عليه شيئا، وهذا على القراءة بالتشديد أي لن نقدر عليه عقوبته، لتركه قومه، والمعنيان متقاربان، إلا أن القراءة بالتخفيف وتفسيرها على ما ذكرنا تبعا لغيرنا أولى وأنسب بالمقام، لأن نقدر بمعنى نضيق شائع، ومثله في القرآن كثير، قال تعالى (اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ) الآية ٤٣ من سورة الروم الآتية، وجاء في الآية ٧ من سورة الطارق في ج ٣ (ومن قدر عليه رزقه) وفي الآية ١١