للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما ما يتعلق فيه حق الغير من الكبائر والصغائر فلا بد من إرجاع ما أخذ لأهله وإرضائه واستعفائه، وإن لم يقدر على شيء من ذلك فيعود إلى مشيئة الله ويسعها قوله «إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ» لمن تاب وأتاب وحسنت نيته وقد يغفر بدون شيء من ذلك لمن شاء عدا الشرك راجع الآية ٤٨ من سورة النساء في ج ٣ وإذا أراد أن يطمئن على نفسه من عذاب الله وقبول توبته فليجتهد برد المظالم لأهلها أو ورثتهم أو يتصدق بها على الفقراء وينوي ثوابها إليهم، هذا والله تعالى «هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ» أيها المؤمنون وأعلم بما تفعلونه قبل خلقكم «إِذْ أَنْشَأَكُمْ» براكم من النطفة وخلق أباكم آدم «مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ» أي وهو أعلم بأحوالكم حالة كونكم «أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ» وما أنتم صائرون اليه بعد فاعملوا خيرا لدينكم ودنياكم وآخرتكم «فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ» وتمدحوها بالطهارة من الذنوب فانه يعلم كل نفس وما هي صائرة اليه وما تصنعه في الدنيا وما تناله في الآخرة، فلا تفضلوا أنفسكم على غيركم في الحالة التي أنتم فيها لأنكم لا تعلمون العاقبة والله وحده «هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى ٣٢» منكم ومن أذنب فأكتفوا بعلمه عن علم الناس وجزائه عن جزائهم وثنائه عن ثنائهم. روى البخاري ومسلم عن خارجة بن زمعة بن ثابت أن أم العلاء امرأة من الأنصار كانت بايعت النبي صلّى الله عليه وسلم وأخبرته أنه اقتسم المهاجرون قرعة قالت فطار لنا ابن صفعون فأنزلناه في أبياتنا فوجع وجعه الذي توفي فيه فلما توفي غسل وكفن في أثوابه وصلى عليه رسول الله، فقلت رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك قد أكرمك الله فقال صلّى الله عليه وسلم: وما يدريك أن الله أكرمه؟ فقلت بأبي أنت وأمي يا رسول

الله فمن يكرمه الله؟ فقال صلّى الله عليه وسلم: أما هو فقد جاءه اليقين والله اني لارجو له الخير، والله لا أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي. قالت فو الله لا أزكى بعده أحدا قالت: ورأيت لعثمان في النوم عينا تجري، فجئت رسول الله فذكرت له ذلك، فقال: ذلك عمله وهذه الآية نزلت في أناس من المدينة يعملون أعمالا حسنة ثم يتبرمون بها، وهي عامة في كل من يتصف بذلك، هذا وقد سبق أن بينا أن الآيات

<<  <  ج: ص:  >  >>