للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها. واعلم أن جملة فيما يبدو للناس لم تكن في هذا الحديث، وإنما هي في حديث آخر رواه البخاري، ولذلك جعلناها بين قوسين، ورويا عن أنس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال وكل الله بالرحم ملكا فيقول أي رب نطفة، أي رب علقة، أي رب مضغة، فإذا أراد الله تعالى أن يقضي خلقها، قال يا رب أذكرا أم أنثى أسقي أم سعيد، في الرزق، في الأجل، فيكتب له ذلك في بطن أمه قال تعالى «فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ» ١٤ المبدعين المصورين المقتدرين الموجدين، وقد ذكرنا مراتب الخلق في الآية ٦٤ من سورة المؤمن والآية ١٤ من سورة الأحقاف المارتين فراجعهما. «ثُمَّ إِنَّكُمْ» أيها الناس «بَعْدَ ذلِكَ» الخلق وخروجكم من الرحم واستيفاء آجالكم في الدنيا «لَمَيِّتُونَ» ١٥ ومفارقون هذه الأرض التي نشأتم عليها فتدفنون فيها أو فيما فيها «ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ» بعد انقضاء أجلكم في البرزخ كما هو مقدر أزلا «تُبْعَثُونَ» ١٦ أحياء كما كنتم في الدنيا فتساقون إلى الوقف وتحشرون فيه فتحاسبون وتجازون على ما عملتموه الخير بأحسن منه والشر بمثله، فعلى العاقل أن يتهيأ للموت لأن أمرا لا تدري متى يغشاك يجب أن تستعد له قبل أن يفاجئك قال تعالى «وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ» سموات سميت طرائق لأنها طرق الملائكة ومتقلباتهم «وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ» ١٧ لاهين ولا ساهين عن أقوالهم وأفعالهم، بل كنا ولا نزال متيقظين لحفظ أعمالهم ونحصيها عليهم كما نحفظهم في حياتهم حتى يبلغوا أجلهم وما قدر إليهم في الدنيا ويستوفونه كاملا. قال تعالى «وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ» لحاجة البشر وزروعهم وأنعامهم ومنافعهم «فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ» وجعلناه ينابيع عيونا وأنهارا متنوعة، ونظير هذه الآية بالمعنى الآية ٢٢ من الزمر المارة «وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ»

١٨ كقدرتنا على إنزاله وإسلاكه في الأرض والإعادة أهون من الابتداء لأنه إبداع على غير مثال سابق والإعادة إرجاع الشيء لأصله وهو سهل على كل مبدع «فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها

<<  <  ج: ص:  >  >>