للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل بعثته وقد مات إبان بناء الكعبة عام ٢٥ من ولادته صلّى الله عليه وسلم الواقعة عام الفيل سنة ٥٧٠ من ولادة عيسى عليه السلام، وكان يعيب على قريش ذبحهم لغير الله، وقس بن ساعدة الإيادي كان مؤمنا بالله وعاصر حضرة الرسول أيضا، وتوفي أوائل البعثة الشريفة، وخالد ابن سنان العيسي كذلك كان مؤمنا. وما قيل إنهم رحمهم الله كانوا أنبياء لا صحة له البتة، أما ورقة بن نوفل فقيل إنه تنصر. هذا، ولا تعارض بين هذه الآية وآية فاطر ٢٤ وهي (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) كما أوضحناه في تفسيرها، فراجعها يتبين لك أنه خلا أول العرب أي سلف نذير فيهم وهو إسماعيل عليه السلام، إلا أنه لم يرسل إليهم رسول بعده وبقوا طيلة هذه المدة العظيمة مهملين دون رسول ولا كتاب، بيد أن الأمم الأخرى تتابعت عليهم الرسل.

وقال بعض المفسرين إن (ما) هنا في هذه الآية اسم موصول، وعليه يكون المعنى لتنذر قوما العقاب الذي أتاهم من نذير من قبلك، يريد بهذا النذير إسماعيل، وهو ليس بشيء، لأن أكثرهم لا يعرفون أنه كان هناك نبي أم لا، وما جرينا عليه بأن (ما) نافية أنسب بالمقام وأولى بالمعنى وأقوى حجة وبرهانا. هذا وإذا علمت نفي مجيء رسول إليهم تعلم أنهم لم يؤاخذوا على عدم القيام بالشرائع، لأنها لا تدرك إلا من قبل الرسول ولكنهم يؤاخذون بعدم معرفة الله وتوحيده، لأن العقل السليم قد يوصل إلى ذلك من غير واسطة الرسل، وقدمنا ما يتعلق في هذا في الآية ١٥ من سورة الإسراء في ج ١ فراجعها. أما ما يتعلق في عموم رسالته فقدمناه أيضا في الآية ٢٨ من سورة سبأ المارة. قال تعالى «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ» هو المستحق للعبادة وحده، راجع الآية ١١٦ من سورة المؤمنين المارة وما ترشدك إليه تقف على معنى العرش وعظمته. واعلموا أيها الناس أنكم «ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ» يلي أموركم وينصركم غيره «وَلا شَفِيعٍ» دون أمره ورضاه فزعمكم بشفاعة الأصنام باطلة «أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ» ٤ بمواعظ الله وتتعظون بعبره وهو الذي «يُدَبِّرُ الْأَمْرَ» في الدنيا على وجه الحكمة والإتقان فينزله «مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ» مدة دوامها «ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ» ذلك الأمر كله ليحكم فيه وقت

<<  <  ج: ص:  >  >>