للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا وصف فيتقيد بكل جبل ملتفة عليه الأشجار، وإنما أقسم الله به دون غيره لعظم ما وقع عليه منه جل شأنه لسيدنا موسى «وَكِتابٍ مَسْطُورٍ» ٢ هو التوراة والله أعلم بدلالة السياق والسباق، يؤيده قوله جل قوله «فِي رَقٍّ» وهو الأديم الذي يكتب عليه بفتح الراء وكسرها من الرقة ضد الصفاقة أي الوقاحة، ثم انه تجوز فيه عما يكتب فيه الكتّاب من ألواح وغيرها أو من الرقة وهي اللطافة، «مَنْشُورٍ» ٣ مبسوط مفتوح، وقيل هو عبارة عن صحائف الأعمال استدلالا بقوله تعالى (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً) الآية ١٤ من سورة الإسراء ج ١، وقيل هو القرآن، والأول أولى وأنسب بالمعنى بمناسبة ذكر الطور، ولأن الكتاب الذي أنزل على موسى أنزل ألواحا مكتوبة مفتوحة، قال تعالى (وَأَلْقَى الْأَلْواحَ) الآية ١٥٠ من الأعراف في ج ١، ولأن القرآن لم ينزل على محمد مكتوبا تدبر. «وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ» الكائن في السماء السابعة، وسمي معمورا لكثرة زوّاره من الملائكة يعمرونه بالتسبيح والتهليل والتقديس، وجاء في حديث المعراج من إفراد مسلم عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم رأى البيت المعمور في السماء السابعة، قال فإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ويسمى الفراغ حرمته في السماء كحرمة الكعبة في الأرض وهو واقع فوقها بحيث لو سقط من قلبه حجر لسقط عليها، وهو تحت العرش كما روي عن علي كرم الله وجهه.

وقال بعض المفسرين إنه الكعبة وعمارته بالحجاج، والأول أولى لذكره صراحة بالحديثين الصحيحين، وشهرته في هذا الاسم دون الكعبة، وقال آخر إنه المسجد الأقصى المعمور بالأنبياء، وهو أضعف مما قبله، لأن هناك ثلاثة بيوت مقدسة:

البيت المعمور، وبيت العزة في سماء الدنيا الذي أنزل إليه القرآن جملة دفعة واحدة، والبيت الحرام بالأرض. وكل منها مشهور لا يغلب أحدها على الآخر. أما المسجد الأقصى فلم يطلق عليه لفظ بيت، لأن الله سماه المسجد الأقصى، وأطلق عليه لفظ القدس، وقد سمى الله الكعبة البيت الحرام «وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ» ٥ السماء العالية أو العرش، لأنه سقف الجنة كما ذكره ابن عباس رضي الله عنهما، يؤيده الحديث المار ذكره في تفسير الآية ١٨ من سورة المؤمنين المارة. «وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ» ٦ الموقد المحمى.

<<  <  ج: ص:  >  >>