الآن يعلمون أن ما كنت أقول لهم حق، ثم قرأت الآيتين، ورجح هذا القاضي أبو يعلى من أكابر الحنابلة في كتابه الجامع الكبير، مستدلين بالآيتين المذكورتين وشبهها مما في القرآن العظيم. وذهب جماعة من أهل العلم إلى أنهم يسمعون وهو اختيار ابن جرير الطبري وابن قتيبة وغيره، وقال ابن عبد البر: إن الأكثرين على هذا، واستدلوا بما جاء في الصحيحين عن أنس عن أبي طلحة رضي الله عنهما قال:
لما كان يوم بدر وظهر عليهم (على المشركين) رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمر ببضعة وعشرين رجلا، وفي رواية أربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فألقوا في طوى (بئر من اطواء بدر) وأن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ناداهم يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف يا عتبة بن ربيعة أليس قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقا، فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا، فقال عمر رضي الله عنه يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟! فقال والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم. زاد في رواية لمسلم عن أنس: ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا. وبما أخرجه الإمام أحمد والشيخان وأبو داود والنسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه حتى انه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل (يعني محمدا صلّى الله عليه وسلم) ؟ فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال أنظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، فيراهما جميعا ويفسح له في قبره سبعون ذراعا، وتملأ عليه خضرا إلى يوم القيامة، وأما الكافر إلخ. وبما رواه الطبري في الكبير عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا مات أحدكم فسويتم عليه التراب فليقم أحدكم على رأس القبر ثم ليقل يا فلان بن فلانة، فإنه يقول أرشدنا يرحمك الله، ولكنكم لا تسمعون إلخ.
وبما أخرجه أبو الشيخ من مرسل عبيد بن مرزوق قال: كانت امرأة بالمدينة تقم المسجد فماتت، فلم يعلم بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فمر على قبرها فقال ما هذا القبر؟
فقالوا أم محجن، قال التي كانت تقم المسجد؟ قالوا نعم، فصف الناس، فصلى عليها، فقال صلّى الله عليه وسلم أي العمل وجدت أفضل؟ قالوا يا رسول الله أتسمع؟ قال ما أنتم بأسمع منها، فذّكر عليه الصلاة والسلام أنها أجابته قم المسجد أي كنسه، وإجابتها له