محمد صلّى الله عليه وسلم الذي عرض الله تعالى له هجرة جده إيذانا بهجرته من مكة «إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ» الغالب على أمره «الْحَكِيمُ» ٢٦ الذي لا يأمر إلا بما يكون فيه المصلحة ولا يرد هنا مسألة الأصلح لأن الأمر غير الإرادة والاختيار غير الوجوب، تأمل، وراجع ان شئت الآية ١٤٩ من الأنعام المارة وما ترشدك اليه. قال تعالى «وَوَهَبْنا لَهُ» بعد الهجرة «إِسْحاقَ» من زوجته سارة بنت عمه وكان وهب له قبله إسماعيل من جاريته هاجر «وَ» وهبنا لإسحق «يَعْقُوبَ» في حياته «وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ» أي ابراهيم ولم يصرح باسمه لشهوته وعلو قدره «النُّبُوَّةَ» إذ لم يرسل الله نبيا من بعده إلا من ذريته «وَالْكِتابَ» جنسه المشتمل على التوراة والإنجيل والزبور والقرآن إذ أنزلت كلها على ذريته، ولم ينزل بعدها شيء أبدا «وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ» وهو دوام الثناء عليه ومحبته من جميع الأمم على اختلاف مللها ونحلها «فِي الدُّنْيا» فلا تجد أحدا إلا ويثني عليه، وبسبب بقاء ذريته يستمر ذكره الحسن الى آخر الدوران «وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ» ٢٧ للقاء الله عز وجل، فقد جمع الله له خير الدارين، وهو أحق من يكرم بذلك. قالوا ولما نجى الله ابراهيم على الصورة المذكورة في الآية ٥٧ من سورة الأنعام فما بعدها وأذن الله له بالهجرة هاجر من أرض بابل إلى الأرض المقدسة هو وزوجته سارة وابن أخيه لوط، فمروا على حران فأقاموا بها زمانا ثم خرجوا إلى الأردن فدفعوا إلى مدينة فيها جبار من القبط اسمه صارولي، وهو الذي تعرض له في ساره، فمنعها الله منه ومتعها بهاجر القبطية، وليس المراد أنها تدبن بالقبطية إذ لم تكن الديانة القبطية مشروعة إذ ذاك، ويرجع تاريخ تسهية القبط الى سبعمئة سنة بعد الطوفان، وإنما سموا قبطا لأنهم نسبوا الى قبطيم بن مطريم، قالوا وخرج ذلك الجبار من تلك المدينة فورثها ابراهيم وأ ترى بها، وأعطى نصفها الى لوط، ثم تزوج هاجر بأمر سارة فولدت له إسماعيل وهو ابن ست وثمانين سنة وقيل تسع وتسعين أما إسحق فقد ولدته سارة على طريق المعجزة كما مر في الآية ٤٠ من سورة هود المارة، وكان ابراهيم ابن مئة سنة، وقيل وسبع وعشرة سنة كما في الآية ٣٩ من سورة ابراهيم المارة. ثم أمر الله ابراهيم